رد بن غفير على تصريحات ترامب بشأن الإفراج عن البرغوثي
أثار جدل سياسي في منتصف شهر مايو 2024، عقب تصريحات أدلى بها الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب حول القيادي الفلسطيني المسجون مروان البرغوثي، مما استدعى رداً حاداً من وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير. عكس هذا التجاذب الحساسية الشديدة التي تحيط بملف الأسرى الفلسطينيين ومسألة السيادة الإسرائيلية في اتخاذ القرارات الأمنية.

خلفية التصريحات
بدأت القصة بعد نشر مقابلة أجرتها مجلة "تايم" مع دونالد ترامب، تطرق فيها إلى فترة رئاسته الأولى. كشف ترامب خلال المقابلة أنه تعرض لضغوط للإفراج عن مروان البرغوثي، لكنه رفض ذلك بشكل قاطع. إلا أن ما لفت الانتباه بشكل خاص هو وصفه للبرغوثي بأنه "مانديلا الفلسطينيين"، في إشارة إلى المقارنات التي يعقدها البعض بينه وبين الزعيم الجنوب أفريقي الراحل نيلسون مانديلا، مما أعاد تسليط الضوء على مكانة البرغوثي دولياً.
رد الفعل الإسرائيلي
جاء رد الوزير إيتمار بن غفير، وهو شخصية بارزة في اليمين المتطرف الإسرائيلي، قوياً وحاسماً. في بيانه، حرص بن غفير على الموازنة بين الإشادة بترامب والتأكيد على الموقف الإسرائيلي الثابت. بدأ حديثه بالتعبير عن تقديره الكبير لترامب، واصفاً إياه بأنه صديق عظيم لإسرائيل، لكنه انتقل مباشرة إلى رفض أي شكل من أشكال التدخل الخارجي في شؤون إسرائيل الأمنية.
وشدد بن غفير على أن إسرائيل دولة مستقلة ذات سيادة، وليست مجرد "نجمة أخرى في العلم الأمريكي". وأكد رفضه المطلق لأي فكرة تتعلق بالإفراج عن البرغوثي، الذي وصفه بأنه "إرهابي حقير" يجب أن يقضي ما تبقى من حياته في السجن. وأضاف أن القرارات المتعلقة بمصير الأسرى هي شأن إسرائيلي داخلي بحت.
من هو مروان البرغوثي؟
يُعتبر مروان البرغوثي أحد أبرز الشخصيات السياسية الفلسطينية التي تقبع في السجون الإسرائيلية. برز كقائد ميداني في حركة "فتح" خلال الانتفاضة الثانية مطلع الألفية. وفي عام 2004، أدانته محكمة إسرائيلية بتهم تتعلق بالضلوع في هجمات أدت إلى مقتل إسرائيليين، وحكمت عليه بالسجن لخمسة مؤبدات وأربعين عاماً.
على الرغم من اعتقاله الطويل، لا يزال البرغوثي يتمتع بنفوذ كبير في الساحة السياسية الفلسطينية. وكثيراً ما يُنظر إليه على أنه الخليفة المحتمل للرئيس محمود عباس، وشخصية قادرة على توحيد الفصائل الفلسطينية المتنافسة، وخاصة حركتي "فتح" و"حماس". وتُظهر استطلاعات الرأي باستمرار أنه يحظى بشعبية واسعة في الشارع الفلسطيني.
الأهمية والسياق السياسي
يسلط هذا التجاذب الكلامي الضوء على عدة جوانب سياسية هامة. أولاً، يكشف عن الموقف المتشدد للحكومة الإسرائيلية اليمينية الحالية تجاه ملف الأسرى البارزين، حيث تعتبر الإفراج عنهم خطاً أحمر لا يمكن تجاوزه. ثانياً، يُظهر وجود نقطة خلاف محتملة بين اليمين الإسرائيلي المتطرف وإدارة أمريكية مستقبلية قد يقودها ترامب، فرغم الثناء المتبادل، فإن إصرار بن غفير على السيادة المطلقة قد يؤدي إلى صدامات حول بعض القضايا. وأخيراً، فإن مجرد ذكر ترامب لاسم البرغوثي ولقبه الرمزي ساهم في تعزيز مكانته على الساحة الدولية وإعادة قضيته إلى الواجهة الإعلامية العالمية.





