رغم الموافقة على هدنة.. قوات الدعم السريع تكثف هجماتها على الخرطوم ومدن أخرى
في تطور ميداني يعكس تعقيدات الأزمة السودانية، شنت قوات الدعم السريع هجمات واسعة النطاق على العاصمة الخرطوم ومناطق أخرى، وذلك بالتزامن مع إعلانها الموافقة على مقترح لهدنة إنسانية. هذا التناقض بين الالتزام الدبلوماسي والتصعيد العسكري على الأرض يثير قلقاً بالغاً بشأن فرص التوصل إلى حل سلمي للنزاع المستمر منذ أشهر، ويزيد من تفاقم الأوضاع الإنسانية المتردية في البلاد.

تفاصيل الهجمات الميدانية
أفادت تقارير ميدانية بأن أجواء العاصمة السودانية شهدت تحليقاً مكثفاً لطائرات مسيّرة تابعة لقوات الدعم السريع، استهدفت مواقع متفرقة. وقد تصدت المضادات الأرضية التابعة للجيش السوداني لهذه الطائرات في محاولة لتحييد خطرها. لم تقتصر الهجمات على الخرطوم وحدها، بل امتدت لتشمل مناطق حيوية أخرى، مما يشير إلى استراتيجية تصعيد أوسع. من بين المناطق التي تعرضت لهجمات مماثلة:
- أم درمان: شهدت المدينة، التي تشكل جزءاً من العاصمة الكبرى، اشتباكات متفرقة وهجمات جوية.
- عطبرة: تعرضت هذه المدينة الاستراتيجية في ولاية نهر النيل لمحاولات هجوم أثارت حالة من التوتر.
- الأُبيض: استهدفت طائرات مسيّرة مدينة الأُبيض، عاصمة ولاية شمال كردفان، مما يمثل توسعاً للصراع في مناطق وسط السودان.
وقعت هذه العمليات العسكرية في وقت كانت الآمال معقودة على التزام الأطراف بوقف مؤقت لإطلاق النار، مما أدى إلى موجة جديدة من النزوح بين المدنيين الذين يسعون للفرار من مناطق القتال.
مبادرة الهدنة الإنسانية
جاءت هذه الهجمات بعد وقت قصير من إعلان قوات الدعم السريع قبولها بمقترح هدنة إنسانية. المبادرة قدمتها الرباعية الدولية، التي تضم كلاً من مصر، والمملكة العربية السعودية، والإمارات العربية المتحدة، والولايات المتحدة الأمريكية. تهدف الهدنة بشكل أساسي إلى فتح ممرات آمنة لإيصال المساعدات الإنسانية العاجلة للمتضررين، وإتاحة الفرصة للمدنيين لمغادرة مناطق الخطر، وتسهيل عمل المنظمات الإغاثية. ورغم أن الموافقة على الهدنة اعتُبرت خطوة إيجابية، فإن استمرار القتال يقوض بشكل كبير من مصداقيتها ويجعل تنفيذها على أرض الواقع شبه مستحيل.
خلفية الصراع المستمر
اندلع النزاع الحالي في السودان في أبريل 2023 نتيجة صراع على السلطة بين القوتين العسكريتين الرئيسيتين في البلاد: الجيش السوداني بقيادة الفريق أول عبد الفتاح البرهان، وقوات الدعم السريع بقيادة الفريق أول محمد حمدان دقلو (حميدتي). كان من المفترض أن يتم دمج قوات الدعم السريع في الجيش الوطني كجزء من عملية الانتقال إلى حكم مدني، إلا أن الخلافات حول تفاصيل الدمج والقيادة أدت إلى اندلاع مواجهات عنيفة في الخرطوم وسرعان ما امتدت إلى أجزاء أخرى من البلاد، لا سيما إقليم دارفور.
الأهمية والتداعيات
يبرز هذا التطور الأخير الفجوة العميقة بين المساعي الدبلوماسية والواقع العسكري في السودان. إن تزامن الموافقة على الهدنة مع تكثيف الهجمات يطرح تساؤلات جدية حول نوايا الأطراف المتحاربة ومدى سيطرة القيادات على قواتها على الأرض. كما أنه يعقد جهود الوساطة الدولية التي تسعى لإنهاء الصراع الذي تسبب في كارثة إنسانية، حيث نزح الملايين من ديارهم ويعاني السكان من نقص حاد في الغذاء والماء والرعاية الصحية. استمرار القتال يهدد بزعزعة استقرار المنطقة بأكملها ويفشل كل محاولات بناء الثقة بين الطرفين كخطوة أولى نحو مفاوضات سلام شاملة.





