غاتوزو يجدد دعمه لغزة قبيل مواجهة إسرائيل في تصفيات كأس العالم
أدلى المدرب الإيطالي الشهير جينارو غاتوزو، المدير الفني الحالي لمنتخب إيطاليا لكرة القدم، بتصريحات عاطفية يوم أمس الثلاثاء، أعرب فيها عن شعوره بـ«ألم شديد» إزاء الحرب المستمرة في قطاع غزة. جاءت هذه التصريحات قبيل مباراة هامة يواجه فيها المنتخب الإيطالي نظيره الإسرائيلي ضمن تصفيات كأس العالم 2026. وتعتبر هذه ليست المرة الأولى التي يعلن فيها غاتوزو عن تعاطفه مع الوضع الإنساني في غزة، مما أعاد الجدل حول المزج بين الرياضة والقضايا السياسية والإنسانية.

خلفية التصريحات والسياق
يُعرف غاتوزو، اللاعب السابق الذي اشتهر بشخصيته الحماسية والعاطفية في الملاعب، بكونه شخصية صريحة لا تتردد في التعبير عن آرائه. سبق له أن أدلى بمواقف مشابهة في مناسبات مختلفة، مما يؤكد التزامه الشخصي بالقضايا الإنسانية. تأتي تصريحاته الأخيرة في وقت يمر فيه قطاع غزة بظروف إنسانية بالغة التعقيد، حيث تستمر تبعات الصراع الذي استمر لعامين، مخلفًا آثارًا مدمرة على المدنيين والبنية التحتية.
لطالما كان الصراع الفلسطيني الإسرائيلي قضية حساسة على الساحة الدولية، وغالبًا ما يجد الرياضيون أنفسهم في موقع صعب بين التعبير عن قناعاتهم الشخصية والحفاظ على حيادية الرياضة. تفرض الاتحادات الرياضية الدولية، مثل الاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا) والاتحاد الأوروبي لكرة القدم (اليويفا)، قيودًا على عرض الشعارات السياسية أو الرسائل التحريضية في الملاعب، لكنها غالبًا ما تسمح بالتعبير عن المواقف الإنسانية العامة، طالما أنها لا تتجاوز الحدود المحددة.
تفاصيل الموقف وردود الفعل الأولية
جاءت تصريحات غاتوزو خلال المؤتمر الصحفي الروتيني الذي يسبق المباراة، حيث تحدث عن الأجواء المحيطة بالمواجهة المرتقبة. وبدلًا من التركيز كليًا على الجوانب الفنية للمباراة، اختار غاتوزو أن يسلط الضوء على الوضع الإنساني في غزة، مؤكدًا على أن الرياضة لا يمكن أن تكون بمعزل عن العالم وما يحدث فيه. وصف شعوره بـ«الحزن العميق» و«الألم الإنساني» الذي يسببه استمرار المعاناة هناك، ودعا ضمنيًا إلى التكاتف من أجل السلام وحماية المدنيين.
أثارت هذه التصريحات ردود فعل متباينة. فمن جانبها، سارعت الجامعة الإيطالية لكرة القدم (FIGC) إلى إصدار بيان مقتضب أكدت فيه على احترامها لحرية التعبير الشخصية لأفراد طاقمها، لكنها شددت في الوقت ذاته على أن تركيز المنتخب ينصب على الاستعداد للمباراة وتحقيق أفضل النتائج، محاولة بذلك النأي بالمنتخب عن أي جدل سياسي. أما الاتحاد الإسرائيلي لكرة القدم، فقد أعرب عن «خيبة أمله» من تصريحات غاتوزو، مؤكدًا على مبدأ فصل الرياضة عن السياسة، وربما يستكشف إمكانية رفع الأمر إلى الجهات الدولية المعنية، على الرغم من أن التصريحات ذات الطابع الإنساني غالبًا لا تستدعي عقوبات مباشرة.
على الصعيد الجماهيري والإعلامي، انقسمت الآراء. أشاد البعض بشجاعة غاتوزو وصدقه في التعبير عن تعاطفه مع المدنيين، واعتبروا ذلك تذكيرًا بأن الرياضيين هم في النهاية بشر يتأثرون بما يجري حولهم. بينما انتقد آخرون توقيت التصريحات واعتبروها محاولة لـ«تسييس» حدث رياضي مهم، مما قد يؤثر سلبًا على تركيز الفريق وعلى أجواء المباراة.
التداعيات المحتملة
من المتوقع أن تزيد تصريحات غاتوزو من حدة التوتر المحيط بالمباراة بين إيطاليا وإسرائيل. قد يؤدي هذا إلى:
- زيادة التدقيق الأمني: نظرًا للطبيعة الحساسة للقضية، من المرجح أن تشهد المباراة إجراءات أمنية مشددة تحسبًا لأي احتجاجات أو ردود فعل من الجماهير.
- تشتيت انتباه الفريق: قد يجد اللاعبون والإدارة أنفسهم في خضم اهتمام إعلامي يتجاوز الجوانب الرياضية البحتة، مما قد يؤثر على تركيزهم على أداء المباراة.
- تأثير على الروح المعنوية: بينما قد يرى البعض تصريحات المدرب كإظهار لموقفه الإنساني، قد يرى آخرون أنها إضافة لضغط غير ضروري على الفريق قبيل مواجهة حاسمة.
- احتمالية مراجعة الفيفا/اليويفا: على الرغم من أن التصريحات الإنسانية عادة ما تُعالج بحذر، إلا أن تكرارها أو ورود شكاوى قد يدفع الفيفا أو اليويفا إلى مراجعة الموقف لضمان الالتزام بقواعد الحياد السياسي في الأحداث الرياضية.
سابقة التاريخية لمواقف الرياضيين السياسية
لا يعتبر موقف غاتوزو استثناءً في تاريخ الرياضة العالمية. فقد استخدم العديد من الرياضيين البارزين منصاتهم للتعبير عن آرائهم بشأن قضايا سياسية واجتماعية، مثل محمد علي كلاي في مواقفه ضد حرب فيتنام، وكولين كايبرنيك في قضيته ضد وحشية الشرطة، والعديد من الرياضيين الأولمبيين الذين رفعوا أصواتهم دعمًا لحقوق الإنسان. هذه المواقف غالبًا ما تثير نقاشًا واسعًا حول دور الرياضي كشخصية عامة ومسؤوليته تجاه المجتمع، وحقه في التعبير عن قناعاته الشخصية حتى لو كانت مثيرة للجدل في بعض الأوساط.
وفي الختام، يظل موقف غاتوزو تذكيرًا بأن الخط الفاصل بين الرياضة والسياسة، على الرغم من الجهود المبذولة لتقسيمهما، غالبًا ما يكون غير واضح المعالم، وأن الرياضيين، بكونهم جزءًا من المجتمع العالمي، غالبًا ما يجدون أنفسهم مدفوعين للتعبير عن آرائهم حول القضايا التي تلامس ضمائرهم.





