غلاف "تايم" الذي أثار حفيظة ترامب: جدل الشعر المختفي والتاج الملكي العائم
أثار غلاف مجلة تايم الصادر بتاريخ 20 أغسطس 2018 موجة من الجدل والانتقادات، خاصة من الرئيس الأمريكي آنذاك دونالد ترامب نفسه، وذلك بسبب تصميمه الذي تضمن تفاصيل اعتبرها ترامب مسيئة. الغلاف الذي حمل عنوان "الملك دونالد" ضمنياً، عُدّ تجسيداً فنياً مثيراً للرئيس، ولكن ما أثار غضبه بشكل خاص كان تصوير شعره ووجود تاج صغير يطفو فوق رأسه.

خلفية العلاقة بين ترامب والإعلام
لطالما اتسمت علاقة دونالد ترامب بوسائل الإعلام بالتوتر الشديد والمواجهة المباشرة. فمنذ حملته الانتخابية وخلال فترة رئاسته، لم يتوانَ ترامب عن وصف العديد من المؤسسات الإخبارية بأنها "أخبار وهمية" أو "أعداء للشعب". هذه العلاقة المتوترة أدت إلى بيئة إعلامية مشحونة، حيث كانت كل صورة أو مقال أو تغطية إخبارية للرئيس تخضع لتدقيق شديد من قبله ومن فريقه. كما كان ترامب معروفاً بحرصه الشديد على صورته العامة، وخصوصاً مظهره الشخصي، ما جعله شديد الحساسية لأي تصوير قد يُنظر إليه على أنه سلبي أو غير دقيق.
في هذا السياق، كانت مجلة تايم، بتاريخها العريق في تقديم الأغلفة ذات الدلالات السياسية العميقة، لاعباً رئيسياً في هذا الحوار المستمر بين السلطة والإعلام. أغلفة المجلة غالباً ما كانت تهدف إلى التقاط روح العصر أو تقديم تعليق نقدي حول شخصيات مؤثرة، وهو ما حدث بوضوح مع غلاف أغسطس 2018.
الغلاف المثير للجدل: تفاصيل ودلالات
الغلاف الذي صممه الفنان تيم أوبراين، أظهر الرئيس دونالد ترامب وهو يرتدي بدلة زرقاء وربطة عنق حمراء طويلة بشكل مبالغ فيه. ولكن العنصرين اللذين استحوذَا على اهتمام وسائل الإعلام وأثارا غضب ترامب كانا: أولاً، طريقة تصوير شعره، التي بدت أقل كثافة أو "مختفية" في بعض الأجزاء مقارنة بأسلوبه المعتاد، وثانياً، وجود تاج ذهبي صغير يطفو بشكل شبه شفاف فوق رأسه.
لم يكن التاج ظاهراً بوضوح في الوهلة الأولى، بل كان يحتاج إلى تدقيق ليتم اكتشافه. هذا التاج، الذي رافق عنوان الغلاف "King Donald" (الملك دونالد) في المقال الداخلي، كان يرمز إلى القوة والسلطة المطلقة، وربما كان تعليقاً على أسلوب ترامب في الحكم أو طموحاته السياسية. أما قضية الشعر، فقد أُشير إليها في تقارير إعلامية عديدة على أنها كانت سبباً شخصياً عميقاً لازعاج ترامب، الذي يولي اهتماماً كبيراً لصورته الجسدية وشعره تحديداً.
رد فعل ترامب والتداعيات
فور انتشار الغلاف، أفادت تقارير إخبارية عديدة، نقلاً عن مصادر مقربة من البيت الأبيض آنذاك، بأن الرئيس دونالد ترامب كان غاضباً جداً. لم يقتصر الأمر على مجرد الاستياء، بل تعداه إلى تعبيرات عن السخط الشديد تجاه المجلة وتصويرها له. التركيز على "الشعر المختفي" أو "الخفيف" يُظهر مدى حساسيته تجاه أي تصوير ينتقص من مظهره، والذي يعتبره جزءاً لا يتجزأ من علامته التجارية وشخصيته العامة.
بالنسبة للتاج العائم، فقد كان رمزاً قوياً، وكثيرون فسروا غضب ترامب منه بأنه يعكس قلقه من أن يتم تفسير هذا الرمز على أنه سخرية من طموحاته الملكية أو تأكيد على اتهامات المعارضين له بميوله السلطوية. هذا الغضب لم يكن فريداً، فقد سبق لترامب أن انتقد أغلفة أخرى لمجلة تايم ومجلات أخرى، خاصة تلك التي لم تكن إيجابية في تصويره.
أهمية الحادثة وانعكاساتها
تجاوزت حادثة غلاف تايم مجرد كونها مجرد غلاف مجلة؛ فقد أصبحت نقطة حوار مهمة حول عدة قضايا:
- العلاقة بين السياسة والإعلام: أبرزت الحادثة بوضوح التوتر الدائم بين القادة السياسيين ووسائل الإعلام، وكيف يمكن لتصوير بسيط أن يتحول إلى قضية سياسية كبرى.
- دور السخرية السياسية: أكدت الواقعة على القوة الرمزية للكاريكاتير السياسي والفن الساخر في التعليق على الشخصيات العامة والسلطة، وكيف يمكن لهذه الأدوات أن تستفز ردود فعل قوية.
- أهمية الصورة الشخصية للقادة: سلطت الضوء على مدى الأهمية التي يوليها القادة، وخصوصاً دونالد ترامب، لصورهم العامة والشخصية، وكيف يمكن لأي خروج عن هذه الصورة المثالية أن يثير غضبهم.
- الحرية الصحفية: جددت النقاش حول حدود الحرية الصحفية في انتقاد أو تصوير الشخصيات العامة، وحق المؤسسات الإعلامية في التعبير عن رؤاها الفنية والتحريرية.
في الختام، يُعد غلاف مجلة تايم لعام 2018 وما تبعه من رد فعل دونالد ترامب، فصلاً مهماً في سجل التفاعلات المعقدة بين السلطة السياسية والإعلام في العصر الحديث. لقد كشف الغلاف عن نقاط حساسية الرئيس الأمريكي آنذاك وعن قدرة الفن الصحفي على إثارة نقاشات أعمق حول السلطة، الصورة، والحرية الإعلامية.





