فضيحة سجن ’سدي تيمان‘: العثور على هاتف المدعية العسكرية يعقد التحقيقات
تشهد قضية معتقل ’سدي تيمان‘ الإسرائيلي تطورات متسارعة، حيث أضاف العثور على الهاتف المحمول الخاص بالمدعية العسكرية الإسرائيلية، اللواء ييفات تومر-يروشالمي، بعد فترة من اختفائه، بُعدًا جديدًا من التعقيد للتحقيقات الجارية. ويأتي هذا التطور بالتزامن مع قرار محكمة إسرائيلية بإطلاق سراحها من الإقامة الجبرية ووضعها تحت قيود لمدة عشرة أيام، مما يسلط الضوء على الأزمة الداخلية التي تعصف بالمؤسسة العسكرية والقضائية في إسرائيل على خلفية تسريب فيديو يوثق انتهاكات بحق أسير فلسطيني.

خلفية القضية: معتقل ’سدي تيمان‘ المثير للجدل
برز اسم معتقل ’سدي تيمان‘، الواقع في صحراء النقب، كأحد أكثر مراكز الاحتجاز إثارة للجدل منذ بدء الحرب في غزة. أُنشئ المرفق لاحتجاز أسرى فلسطينيين من القطاع، وسرعان ما أصبح محورًا لتقارير حقوقية دولية ومحلية تتحدث عن ظروف احتجاز قاسية وممارسات ترقى إلى مستوى التعذيب. وقد تضمنت الشهادات التي خرجت من المعتقل روايات عن تكبيل دائم للمعتقلين، وتعصيب أعينهم، وحرمانهم من الرعاية الطبية الكافية، بالإضافة إلى تعرضهم للإيذاء الجسدي والنفسي بشكل ممنهج. وكانت الفضيحة قد انفجرت بشكل واسع بعد تسريب مقطع فيديو يظهر فيه جنود احتياط إسرائيليون وهم يعتدون بالضرب على أسير فلسطيني مكبل ومعصوب العينين، مما أثار موجة غضب واسعة ودفع الجيش الإسرائيلي لفتح تحقيق رسمي.
تطورات التحقيق والفيديو المسرب
فتحت الشرطة العسكرية الإسرائيلية تحقيقين متوازيين عقب انتشار الفيديو. يركز التحقيق الأول على تحديد هوية الجنود المتورطين في الاعتداء ومحاسبتهم، وهو المسار المعلن رسميًا. أما التحقيق الثاني، والذي يتسم بحساسية أكبر، فيهدف إلى كشف كيفية تسريب المقطع المصور إلى وسائل الإعلام. وسرعان ما تحولت الأنظار نحو مكتب المدعية العسكرية ييفات تومر-يروشالمي، باعتبارها الجهة المسؤولة عن التعامل مع مثل هذه المواد الحساسة. أدت الشكوك إلى وضعها قيد الإقامة الجبرية بتهم تتعلق بإعاقة سير العدالة، وهو إجراء استثنائي بحق مسؤولة بهذا المستوى الرفيع، مما كشف عن عمق الانقسامات داخل المؤسسة العسكرية.
العثور على الهاتف وتأثيره على المسار القضائي
شكل اختفاء هاتف اللواء تومر-يروشالمي عائقًا كبيرًا أمام المحققين الذين كانوا يسعون لتحليل البيانات الموجودة عليه لتحديد مصدر التسريب. وقد أدى العثور عليه مؤخرًا إلى تجدد الآمال في كشف الحقيقة، حيث يُعتقد أن الهاتف يحتوي على اتصالات ورسائل قد تقود إلى معرفة ما إذا كان التسريب قد تم بعلمها أو نتيجة إهمال من مكتبها. على الرغم من هذا التطور، قررت محكمة الصلح في تل أبيب إطلاق سراحها من الإقامة الجبرية، مع فرض قيود على حركتها واتصالاتها. ويُفسر هذا القرار بأن التحقيق قد وصل إلى مرحلة لم يعد فيها احتجازها ضروريًا، أو أنه يواجه صعوبات في إثبات التهم الموجهة إليها بشكل قاطع. ويعتقد المحللون أن العثور على الهاتف سيحدد بشكل كبير مستقبل القضية ومصير المدعية العسكرية.
الأبعاد والتداعيات الأوسع
تتجاوز هذه القضية مجرد كونها تحقيقًا في تسريب فيديو، لتكشف عن صراع أعمق داخل الجيش الإسرائيلي بين تيارين: الأول يسعى للحفاظ على صورة الجيش ومنع خروج أي معلومات قد تضر بسمعته دوليًا، والآخر يضغط من أجل الشفافية ومحاسبة المتورطين في جرائم الحرب. كما تسلط الفضيحة الضوء على الإشكالية القانونية والأخلاقية لمعتقل ’سدي تيمان‘، وتزيد من الضغوط الدولية على إسرائيل بشأن معاملتها للأسرى الفلسطينيين. وتأتي هذه الأزمة في وقت حرج، حيث يواجه الجيش الإسرائيلي اتهامات بارتكاب جرائم حرب أمام محاكم دولية، مما يجعل أي فضيحة داخلية تتعلق بالانتهاكات ذات تأثير مضاعف على مكانة إسرائيل القانونية والسياسية على الساحة العالمية.




