فيديو مسرب يكشف عن تعذيب أسرى فلسطينيين في معتقل سديه تيمان الإسرائيلي
أثار مقطع فيديو تم تداوله على نطاق واسع في أغسطس 2024 موجة غضب وإدانات دولية، حيث أظهر ما يبدو أنها ممارسات تعذيب وإذلال بحق معتقلين فلسطينيين في معسكر سديه تيمان الإسرائيلي الصحراوي. يأتي هذا التسريب ليعزز شهادات وتقارير حقوقية سابقة حذرت من انتهاكات ممنهجة تحدث داخل المنشأة التي أقيمت لاحتجاز الفلسطينيين الذين تم اعتقالهم من قطاع غزة منذ بدء الحرب في أكتوبر 2023.

تفاصيل الفيديو المسرب
يُظهر المقطع، الذي صوره جندي إسرائيلي على ما يبدو، جنودًا يرتدون الزي العسكري وهم يعتدون جسديًا على معتقلين فلسطينيين عُصبت أعينهم وقُيدت أيديهم. تضمنت المشاهد المصورة، التي وصفتها منظمات حقوقية بـ"المروعة"، أفعالًا مهينة ومعاملة قاسية تتعارض بشكل صارخ مع القانون الدولي الإنساني، بما في ذلك اتفاقيات جنيف التي تحكم معاملة أسرى الحرب والمدنيين المحتجزين. وقد أكد الجيش الإسرائيلي صحة الفيديو، واصفًا سلوك الجنود بأنه "خطير ويتناقض تمامًا مع قيم جيش الدفاع الإسرائيلي".
خلفية حول منشأة سديه تيمان
يقع معسكر سديه تيمان في صحراء النقب، وقد تم تحويل أجزاء منه إلى مركز اعتقال ومستشفى ميداني بعد 7 أكتوبر 2023 لاستيعاب الأعداد الكبيرة من المعتقلين الفلسطينيين من غزة. منذ إنشائه، أصبح المركز محورًا لتقارير إعلامية وحقوقية دولية. في مايو 2024، نشرت شبكة CNN تحقيقًا استقصائيًا استند إلى شهادات مبلغين إسرائيليين عملوا في المنشأة، والذين وصفوا الظروف بأنها أشبه بـ"حفرة سوداء".
تضمنت الشهادات السابقة ادعاءات خطيرة حول الأوضاع داخل المعسكر، منها:
- إبقاء المعتقلين معصوبي الأعين ومقيدين بشكل دائم، مما يسبب لهم إصابات جسدية ونفسية بالغة.
- تقديم الرعاية الطبية في ظروف بدائية ومهينة، حيث أفاد عاملون طبيون بوجود عمليات بتر أطراف بسبب الإصابات الناجمة عن التقييد المستمر.
- وفاة عدد من المعتقلين داخل المنشأة في ظروف غامضة، مما أثار دعوات لإجراء تحقيقات شفافة ومستقلة.
- ممارسة العنف الجسدي والنفسي بشكل روتيني كجزء من عملية الاستجواب أو كعقاب جماعي.
ردود الفعل الرسمية والحقوقية
عقب انتشار الفيديو الأخير، سارعت الجهات الرسمية والحقوقية إلى التعليق. أعلن الجيش الإسرائيلي عن فتح تحقيق من قبل الشرطة العسكرية في الحادثة، مؤكدًا أنه سيتم اتخاذ إجراءات صارمة ضد المتورطين. ومع ذلك، شككت العديد من المنظمات الحقوقية الفلسطينية والإسرائيلية والدولية في جدوى التحقيقات الداخلية للجيش، مطالبة بضرورة وجود آلية تحقيق دولية ومستقلة لضمان المساءلة.
من جانبها، أدانت السلطة الفلسطينية ووزارة الأسرى والمحررين ما وصفته بـ"جريمة حرب موثقة"، ودعت المحكمة الجنائية الدولية والمجتمع الدولي إلى التحرك الفوري لوقف هذه الانتهاكات ومحاسبة مرتكبيها. كما أصدرت منظمات مثل "بتسيلم" و"هيومن رايتس ووتش" بيانات تدين فيها الحادثة، مشيرة إلى أنها ليست معزولة بل تعكس سياسة أوسع من التجاهل لحقوق المعتقلين الفلسطينيين.
السياق والأهمية
تكمن أهمية هذا الفيديو في كونه يقدم دليلاً مرئيًا يدعم الكم الهائل من الأدلة القصصية والشهادات التي تم جمعها على مدار الشهور الماضية حول الانتهاكات في سديه تيمان وغيره من مراكز الاعتقال الإسرائيلية. يأتي هذا الكشف في وقت تواجه فيه إسرائيل ضغوطًا دولية متزايدة وتدقيقًا قانونيًا بشأن سلوكها في الحرب، بما في ذلك القضايا المرفوعة أمام محكمة العدل الدولية. يثير الفيديو تساؤلات جدية حول ثقافة الإفلات من العقاب داخل الجيش الإسرائيلي ويعزز المطالب بضرورة السماح للمراقبين الدوليين، مثل اللجنة الدولية للصليب الأحمر، بالوصول الفوري وغير المشروط إلى جميع أماكن احتجاز الفلسطينيين.



