قانون الإيجار القديم: تأجيل دعوى دستورية وتصريح النائب إيهاب منصور باحترام القضاء
شهدت الساحة القضائية المصرية تطوراً جديداً في ملف قانون الإيجار القديم، حيث قررت محكمة القضاء الإداري مؤخراً تأجيل أولى جلسات الدعوى المطالبة بإلغاء تعديلات تتعلق بهذا القانون، بدعوى عدم دستوريتها. يأتي هذا التأجيل، الذي حدث يوم السبت الماضي، ليضيف فصلاً جديداً إلى قضية لطالما أثارت جدلاً واسعاً في المجتمع المصري، وينتظر تحديد الجلسة المقبلة في 22 نوفمبر الجاري. على إثر هذا القرار، أكد النائب إيهاب منصور، عضو مجلس النواب، على احترام الجميع للأحكام القضائية، أياً كان مضمونها.
خلفية قانون الإيجار القديم في مصر
يمثل قانون الإيجار القديم في مصر إحدى القضايا الاجتماعية والاقتصادية الشائكة التي تعود جذورها لعقود طويلة. وقد صدرت عدة قوانين متتالية في فترات مختلفة، أبرزها القانون رقم 49 لسنة 1977 والقانون رقم 136 لسنة 1981، والتي هدفت في جوهرها إلى حماية المستأجرين في ظروف اقتصادية معينة، من خلال تجميد القيمة الإيجارية لسنوات طويلة ومنح المستأجرين حقاً شبه دائم في الانتفاع بالوحدات المؤجرة، سواء كانت سكنية أو تجارية. أدت هذه القوانين إلى:
- تجميد الإيجارات: بقاء القيمة الإيجارية لعقارات عديدة عند مستويات رمزية لا تتناسب مع القيمة السوقية الحالية أو تكلفة الصيانة.
- عدم تحديد مدة العقد: تحول العقود إلى شبه دائمة، حيث يمتد حق الإيجار ليشمل ورثة المستأجر الأصلي في بعض الحالات.
- فجوة بين الملاك والمستأجرين: خلق هذا الوضع انقساماً مجتمعياً بين فئة الملاك الذين يرون في القانون إجحافاً لحقوقهم في استغلال ممتلكاتهم وتحقيق عائد اقتصادي عادل، وفئة المستأجرين الذين يعتبرون القانون ضمانة لأمنهم السكني والاقتصادي.
ومع مرور الزمن، تفاقمت هذه الإشكالية، مما أثر على الاستثمار العقاري وصيانة المباني، وأدى إلى تدهور بعض العقارات القديمة التي لم يعد ملاكها يجدون حافزاً لصيانتها بسبب ضعف العائد.
تفاصيل الدعوى القضائية والتأجيل
تتعلق الدعوى القضائية الأخيرة التي تنظرها محكمة القضاء الإداري بمطالبة بإلغاء تعديلات قانون الإيجار القديم رقم 164 لسنة 2025، بدعوى مخالفتها للدستور. وتأتي هذه الدعوى في سياق الجدل الدائر حول ضرورة تحقيق التوازن بين حقوق المالك والمستأجر. يسعى المدعون من خلال هذه الدعوى إلى إبطال التعديلات المشار إليها، معتبرين أنها لا تتوافق مع المبادئ الدستورية التي تضمن حماية الملكية الخاصة وتكافؤ الفرص. قرار المحكمة بتأجيل الجلسة يمنح الأطراف المعنية والمحكمة مزيداً من الوقت لدراسة الحجج القانونية والمستندات المقدمة، مما يعكس حساسية القضية وتعقيداتها.
موقف النائب إيهاب منصور
في تصريح يعكس الاحترام للمسار القضائي، أكد النائب إيهاب منصور على التزام الجميع، بمن فيهم المشرعون، باحترام الأحكام القضائية الصادرة عن المحاكم المختصة، بغض النظر عن طبيعة هذه الأحكام. هذه التصريحات تكتسب أهمية خاصة في ظل حساسية قضية قانون الإيجار القديم والآمال المعلقة على الحلول القانونية لها. ويُعد موقف النائب منصور مؤشراً على ضرورة الالتزام بسيادة القانون واحترام استقلال القضاء كركيزة أساسية للدولة الحديثة، مما يبعث برسالة طمأنة حول سير الإجراءات القانونية بمهنية ونزاهة.
أهمية القضية والتداعيات المحتملة
تكتسب هذه الدعوى القضائية أهمية بالغة بالنظر إلى التأثيرات الواسعة المحتملة لأي حكم يصدر فيها. فإذا ما قضت المحكمة بعدم دستورية التعديلات، فقد يترتب على ذلك تغييرات جوهرية في العلاقة الإيجارية لعقود الإيجار القديمة، مما قد يؤثر على آلاف الأسر والملاك في جميع أنحاء الجمهورية. على الجانب الآخر، فإن استمرار العمل بالتعديلات القائمة أو إقرار تعديلات جديدة بشكل دستوري سيساهم في استقرار الوضع القانوني. تسعى الدولة والبرلمان باستمرار لإيجاد حلول لهذه المعضلة من خلال مناقشات مستفيضة ومشاريع قوانين تهدف إلى معالجة التشوهات التي أحدثها القانون القديم، مع مراعاة البعد الاجتماعي والاقتصادي للمتضررين من الطرفين. يترقب الكثيرون نتيجة هذه الدعوى القضائية، والتي قد تمهد الطريق لحلول شاملة لهذه القضية المعقدة.





