قصف إسرائيلي عنيف على حي الشجاعية فور انتهاء الهدنة في غزة
في الساعات الأولى التي تلت انهيار الهدنة الإنسانية المؤقتة في قطاع غزة، مطلع ديسمبر 2023، استأنف الجيش الإسرائيلي عملياته العسكرية بكثافة، وكان حي الشجاعية، الواقع شرق مدينة غزة، أحد أبرز المناطق التي تعرضت لقصف جوي ومدفعي عنيف. جاء هذا التصعيد المفاجئ لينهي فترة هدوء استمرت سبعة أيام، وشهدت تبادل أسرى ومحتجزين ودخول مساعدات إنسانية إلى القطاع المحاصر.

تفاصيل الهجوم وتداعياته الميدانية
أفادت مصادر ميدانية ووكالات أنباء دولية بأن الهجمات على حي الشجاعية بدأت فور انتهاء صلاحية الهدنة. وشمل القصف غارات جوية مكثفة واستهدافاً بالمدفعية الثقيلة، مما أدى إلى تدمير واسع في البنية التحتية وعدد من المربعات السكنية. وأعلنت وزارة الصحة في غزة عن سقوط عشرات القتلى والجرحى في الحي خلال الساعات الأولى من تجدد القتال، مشيرة إلى صعوبات بالغة تواجهها الطواقم الطبية وسيارات الإسعاف في الوصول إلى الضحايا بسبب شدة القصف وتدمير الطرقات.
وصف شهود عيان الأوضاع بالكارثية، حيث حوصر آلاف المدنيين في منازلهم ومدارس الإيواء وسط قصف متواصل. وقد أظهرت لقطات مصورة دماراً هائلاً في المنطقة، التي تعتبر من أكثر أحياء غزة كثافة سكانية، مما أثار مخاوف من ارتفاع كبير في أعداد الضحايا المدنيين.
في سياق انهيار الهدنة
كانت الهدنة، التي بدأت في 24 نوفمبر 2023 بوساطة قطرية ومصرية وبدعم أمريكي، قد جلبت هدوءاً نسبياً للقطاع. سمحت الهدنة بالإفراج عن عشرات المحتجزين لدى حركة حماس مقابل إطلاق سراح أعداد أكبر من الأسرى الفلسطينيين من السجون الإسرائيلية، كما تم خلالها تكثيف إدخال المساعدات الإنسانية والوقود. إلا أن الخلافات حول قوائم الأسرى والمحتجزين المقرر إطلاق سراحهم أدت إلى عدم تمديدها، ليعلن الجيش الإسرائيلي استئناف عملياته العسكرية فور انتهاء مدتها.
يمثل استهداف الشجاعية بهذه القوة فوراً بعد الهدنة مؤشراً على دخول العمليات العسكرية الإسرائيلية مرحلة جديدة، تركز على مناطق في مدينة غزة وشمال القطاع كانت قد شهدت عمليات برية محدودة في السابق.
خلفية وأهمية حي الشجاعية
يعتبر حي الشجاعية ذا أهمية رمزية واستراتيجية. فهو أحد أكبر وأقدم أحياء مدينة غزة، ويقع على الحدود الشرقية للقطاع، مما يجعله خط مواجهة أول في أي توغل بري من تلك الجهة. وقد كان الحي مسرحاً لبعض أعنف المعارك في الحروب السابقة، لا سيما خلال الحرب على غزة عام 2014، حيث تكبدت القوات الإسرائيلية خسائر فادحة وتعرض الحي لدمار واسع النطاق.
وبسبب كثافته السكانية العالية وشوارعه الضيقة، يُنظر إليه كأحد المعاقل الرئيسية للفصائل الفلسطينية المسلحة، وهو ما يجعله هدفاً متكرراً للجيش الإسرائيلي الذي يصرح بأن عملياته تستهدف البنية التحتية لتلك الفصائل.
ردود الفعل والمواقف
أصدر الجيش الإسرائيلي بيانات تفيد بأن قواته تستهدف مواقع تابعة لحركة حماس في جميع أنحاء قطاع غزة، بما في ذلك الشجاعية، محمّلاً الحركة مسؤولية انهيار الهدنة واستئناف القتال. من جانبها، أدانت الفصائل الفلسطينية بشدة ما وصفته بـ "المجازر" في الشجاعية، مؤكدة أن استهداف المدنيين والمناطق السكنية يكشف عن نية الاحتلال في فرض واقع جديد عبر التدمير المنهجي.
وعلى الصعيد الدولي، أعربت منظمات أممية وإنسانية، مثل منظمة الصحة العالمية واليونيسف، عن قلقها البالغ إزاء العودة إلى الأعمال العدائية واسعة النطاق، محذرة من أن النظام الصحي المنهار في غزة لا يمكنه التعامل مع موجة جديدة من الإصابات. كما صدرت دعوات من عدة دول للطرفين بضرورة حماية المدنيين والعودة إلى التهدئة لتجنب المزيد من الخسائر البشرية.




