قلق في النرويج من رد فعل ترامب المحتمل حال عدم فوزه بجائزة نوبل للسلام
مع اقتراب موعد الإعلان عن الفائز بجائزة نوبل للسلام في أكتوبر 2020، سادت حالة من الترقب الحذر في الأوساط السياسية بالنرويج، ليس فقط لمعرفة هوية الفائز، بل تحسبًا لرد فعل غير متوقع من الرئيس الأمريكي آنذاك، دونالد ترامب، في حال لم تذهب الجائزة إليه. وقد عكس هذا القلق حالة من التوتر الدبلوماسي غير المسبوق الذي أحاط بالجائزة المرموقة، مسلطًا الضوء على التأثير الكبير الذي يمكن أن تحدثه شخصية زعيم دولة كبرى على العلاقات الدولية.

خلفية الترشيح وتوقعات ترامب
تم ترشيح دونالد ترامب رسميًا لنيل جائزة نوبل للسلام من قبل كريستيان تايبرينغ-غيدي، وهو عضو في البرلمان النرويجي، الذي استند في ترشيحه إلى دور ترامب في التوصل إلى اتفاقيات أبراهام. هذه الاتفاقيات التاريخية أدت إلى تطبيع العلاقات بين إسرائيل وكل من الإمارات العربية المتحدة والبحرين، واعتُبرت خطوة مهمة نحو السلام في الشرق الأوسط. لم يكن هذا الترشيح الوحيد، حيث تلقى ترشيحات أخرى لجهوده في مناطق أخرى من العالم.
من جانبه، عبر ترامب وأنصاره مرارًا عن قناعتهم بأنه الأجدر بالجائزة، مشيرين إلى أنه أول رئيس أمريكي منذ عقود لم يبدأ حروبًا جديدة. وكثيراً ما كان يقارن سجله بسجل سلفه، باراك أوباما، الذي فاز بالجائزة في عام 2009، وهو الأمر الذي كان ترامب ينتقده بشدة. هذه التصريحات المتكررة رفعت منسوب التوقعات ووضعت لجنة نوبل النرويجية تحت ضغط سياسي وإعلامي كبير.
مخاوف الأوساط السياسية في النرويج
كان القلق النرويجي متعدد الأوجه ومبنيًا على السلوك السياسي المعروف عن ترامب، والذي تميز بالحدة والتقلب في التعامل مع الحلفاء والمؤسسات الدولية. ورغم أن لجنة نوبل النرويجية هي هيئة مستقلة تمامًا عن الحكومة النرويجية، إلا أن الكثير من المراقبين الدوليين لا يدركون هذا الفصل، مما يعني أن أي رد فعل غاضب من الرئيس الأمريكي كان سيوجه على الأرجح إلى النرويج كدولة.
تركزت المخاوف الرئيسية على عدة نقاط محتملة:
- توتر العلاقات الدبلوماسية: الخشية من أن يؤدي عدم فوز ترامب إلى توجيه انتقادات علنية للنرويج، مما قد يضر بالعلاقات الثنائية المتينة بين البلدين.
- التأثير على التعاون الأمني: بصفتها عضوًا مؤسسًا في حلف شمال الأطلسي (الناتو)، كانت النرويج قلقة من أن يؤثر رد الفعل السلبي على التنسيق الأمني والعسكري مع الولايات المتحدة، خاصة وأن ترامب كان ينتقد الحلفاء الأوروبيين باستمرار بشأن الإنفاق الدفاعي.
- العواقب الاقتصادية: كان هناك تخوف من احتمال فرض ضغوط اقتصادية أو تجارية كشكل من أشكال الانتقام، وهو أسلوب لجأت إليه إدارة ترامب في سياقات أخرى.
الإعلان النهائي وتداعياته
في النهاية، أعلنت لجنة نوبل في 9 أكتوبر 2020 عن فوز برنامج الأغذية العالمي (WFP) التابع للأمم المتحدة بالجائزة، وذلك تقديرًا لجهوده في مكافحة الجوع وتحسين الظروف المؤدية للسلام في المناطق المتضررة من النزاعات. لم تذهب الجائزة إلى ترامب أو أي شخصية سياسية أخرى، بل إلى منظمة إنسانية دولية.
كان رد الفعل من جانب ترامب ومؤيديه مزيجًا من الصمت النسبي والانتقادات المبطنة التي وصفت قرار اللجنة بأنه "مُسيَّس". ورغم خيبة الأمل الواضحة في معسكره، لم تتحقق المخاوف الكبرى من حدوث أزمة دبلوماسية حادة بين الولايات المتحدة والنرويج. انشغلت إدارة ترامب في ذلك الوقت بالانتخابات الرئاسية الأمريكية الوشيكة، مما قد يكون قد ساهم في تخفيف حدة أي رد فعل محتمل.
الأهمية والسياق الأوسع
تُعد هذه الواقعة مثالًا واضحًا على كيفية تداخل السياسة العالمية مع الجوائز والمؤسسات الدولية. لقد أظهرت كيف يمكن لشخصية رئيس دولة مؤثرة أن تفرض ضغوطًا غير مباشرة على عمليات صنع القرار المستقلة اسميًا. بالنسبة للنرويج، كانت هذه الفترة بمثابة اختبار لقدرتها على إدارة علاقاتها مع حليف قوي ومتقلب، مع الحفاظ على استقلالية إحدى أبرز مؤسساتها الوطنية. ويبقى هذا الحدث شاهدًا على حقبة فريدة في الدبلوماسية الدولية تميزت بتحدي الأعراف والتقاليد الراسخة.





