قمة ترامب وشي: تفاصيل الاجتماع الذي أوقف الحرب التجارية مؤقتًا
في خطوة كانت محط أنظار العالم، التقى الرئيس الأمريكي آنذاك دونالد ترامب بنظيره الصيني شي جين بينغ على هامش قمة مجموعة العشرين في أوساكا باليابان في يونيو 2019. جاء هذا الاجتماع في ذروة حرب تجارية متصاعدة بين أكبر اقتصادين في العالم، حاملاً معه آمالاً بتهدئة التوترات التي أثرت سلباً على الأسواق العالمية وسلاسل الإمداد.

خلفية الصراع التجاري
قبل لقاء أوساكا، كان الصراع التجاري بين الولايات المتحدة والصين قد دخل مرحلة حرجة. بدأت إدارة ترامب في عام 2018 بفرض رسوم جمركية على سلع صينية بمليارات الدولارات، متهمة بكين بممارسات تجارية غير عادلة، بما في ذلك سرقة الملكية الفكرية وإجبار الشركات الأمريكية على نقل التكنولوجيا. وردت الصين بإجراءات انتقامية مماثلة، مما أشعل حرباً تجارية شاملة.
تصاعدت حدة الخلاف بشكل خاص في مايو 2019، عندما انهارت جولة من المفاوضات التجارية، مما دفع واشنطن إلى زيادة الرسوم الجمركية على ما قيمته 200 مليار دولار من الواردات الصينية والتهديد بفرض رسوم إضافية على جميع الواردات المتبقية. هذا التصعيد جعل من اجتماع ترامب وشي في قمة العشرين فرصة حاسمة لتجنب المزيد من الضرر الاقتصادي العالمي.
تفاصيل اجتماع أوساكا ونتائجه الرئيسية
تمخض الاجتماع الذي استمر حوالي 80 دقيقة عن "هدنة" تجارية مؤقتة، حيث اتفق الزعيمان على استئناف المحادثات التجارية التي توقفت. لم يتم التوصل إلى اتفاق شامل ينهي الحرب التجارية، لكن اللقاء نجح في وقف التصعيد الفوري. وكانت أبرز نتائج الاجتماع كما يلي:
- تجميد الرسوم الجديدة: وافقت الولايات المتحدة على الامتناع عن فرض رسوم جمركية جديدة كانت تهدد بفرضها على ما قيمته نحو 300 مليار دولار من السلع الصينية.
- استئناف المفاوضات: اتفق الجانبان على إعادة فرقهما التفاوضية إلى الطاولة لمواصلة المحادثات بهدف التوصل إلى اتفاق تجاري شامل.
- تخفيف القيود على هواوي: في خطوة مفاجئة، أعلن ترامب أنه سيسمح للشركات الأمريكية ببيع مكوناتها لشركة التكنولوجيا الصينية العملاقة هواوي، طالما أن تلك المبيعات لا تشكل خطراً على الأمن القومي الأمريكي.
- مشتريات زراعية صينية: في المقابل، التزمت الصين بشراء كميات كبيرة من المنتجات الزراعية والسلع الأمريكية، وهو مطلب رئيسي لترامب.
تداعيات اللقاء ومستقبل المفاوضات
قوبلت نتائج الاجتماع بارتياح حذر في الأسواق المالية العالمية التي شهدت ارتفاعاً فورياً. رحبت الشركات والقطاعات المتضررة من الرسوم الجمركية بالهدنة، معتبرة إياها خطوة إيجابية نحو الحل. ومع ذلك، رأى العديد من المحللين أن الهدنة كانت هشة، حيث لم يعالج الاجتماع القضايا الهيكلية الأساسية في الخلاف، مثل دعم الصين للشركات الحكومية وسياساتها الصناعية.
وبالفعل، لم تدم الهدنة طويلاً. فبعد أسابيع من المحادثات غير المثمرة، أعلن ترامب في أغسطس 2019 عن فرض رسوم جديدة، متهماً الصين بعدم الوفاء بوعدها بشراء المنتجات الزراعية الأمريكية بالسرعة الكافية. ورغم هذا التقلب، مهدت هذه الفترة من الحوار الطريق في النهاية لتوقيع ما يعرف بـ "اتفاق المرحلة الأولى" في يناير 2020، والذي عالج بعض القضايا التجارية لكنه ترك العديد من الخلافات الجوهرية دون حل. وهكذا، لم ينهِ لقاء أوساكا الحرب التجارية، لكنه شكل محطة محورية أتاحت فرصة لالتقاط الأنفاس وأعادت إطلاق الحوار بين القوتين الاقتصاديتين.





