لقاء ترامب وشي جين بينغ في سيول: قضايا الخلاف الكبرى بين بكين وواشنطن على طاولة البحث
في خطوة دبلوماسية يترقبها العالم، انعقد يوم الخميس لقاء قمة بين الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، ونظيره الصيني، شي جين بينغ، في العاصمة الكورية الجنوبية سيول. يأتي هذا الاجتماع رفيع المستوى على هامش أعمال منتدى التعاون الاقتصادي لدول آسيا والمحيط الهادئ (أبيك)، في ظل فترة من التوترات غير المسبوقة التي هيمنت على العلاقات بين أكبر اقتصادين في العالم، مما يضع على المحك مستقبل الاستقرار العالمي والتجارة الدولية.

خلفية التوترات المتصاعدة
شهدت العلاقات الأمريكية الصينية تدهورًا ملحوظًا خلال السنوات الأخيرة، حيث انتقلت من المنافسة الاستراتيجية إلى المواجهة المباشرة في عدة مجالات. بدأت الشرارة الأبرز مع إعلان إدارة ترامب عن فرض رسوم جمركية واسعة النطاق على واردات صينية بمليارات الدولارات، وهو ما ردت عليه بكين بإجراءات مماثلة، لتندلع بذلك حرب تجارية شرسة أثرت على سلاسل الإمداد العالمية وأثارت قلق الأسواق المالية. تتهم واشنطن بكين بممارسات تجارية غير عادلة، تشمل سرقة الملكية الفكرية والنقل القسري للتكنولوجيا، وهي اتهامات تنفيها الصين باستمرار.
أبرز ملفات الخلاف
يتركز جدول أعمال القمة على مجموعة معقدة من القضايا الشائكة التي تشكل جوهر الخلاف بين البلدين، ويمكن تلخيص أبرزها في النقاط التالية:
- الحرب التجارية والملكية الفكرية: يعد الملف الاقتصادي هو الأكثر إلحاحًا. تسعى واشنطن للحصول على ضمانات من بكين بإجراء إصلاحات هيكلية في اقتصادها لحماية الشركات الأمريكية، وخفض العجز التجاري الضخم. ورغم التوصل إلى "المرحلة الأولى" من الاتفاق التجاري سابقًا، لا تزال العديد من القضايا الجوهرية عالقة، وتستمر الرسوم الجمركية في التأثير سلبًا على الجانبين.
- السباق التكنولوجي وأمن الشبكات: يمثل قطاع التكنولوجيا ساحة صراع رئيسية. تقود الولايات المتحدة حملة دولية لحظر شركة هواوي من المشاركة في بناء شبكات الجيل الخامس (5G)، معتبرة إياها تهديدًا للأمن القومي. في المقابل، ترى الصين أن هذه الخطوات تهدف إلى عرقلة صعودها التكنولوجي والحفاظ على الهيمنة الأمريكية في هذا المجال الحيوي.
- القضايا الجيوسياسية والسيادة الإقليمية: تمثل قضية تايوان نقطة خلاف تاريخية وحساسة، حيث تعتبرها بكين جزءًا لا يتجزأ من أراضيها، بينما تواصل واشنطن دعم الجزيرة عسكريًا ودبلوماسيًا. كما تتصاعد التوترات في بحر الصين الجنوبي بسبب الأنشطة العسكرية الصينية، فضلًا عن الموقف من قانون الأمن القومي الذي فرضته بكين على هونغ كونغ، والذي تعتبره واشنطن تقويضًا للحكم الذاتي للمدينة.
- ملف حقوق الإنسان: توجه الإدارة الأمريكية انتقادات حادة للصين بشأن سجلها في مجال حقوق الإنسان، خاصة فيما يتعلق بمعاملة أقلية الأويغور المسلمة في إقليم شينجيانغ. وقد فرضت واشنطن عقوبات على مسؤولين وكيانات صينية على خلفية هذه القضية، وهو ما تعتبره بكين تدخلًا سافرًا في شؤونها الداخلية.
أهمية اللقاء وتوقعاته
تكمن أهمية هذا اللقاء في كونه فرصة نادرة للحوار المباشر على أعلى مستوى بين زعيمي البلدين، بهدف إدارة الخلافات ومنع خروجها عن السيطرة. لا يتوقع المحللون تحقيق اختراق كبير في حل جميع القضايا العالقة خلال قمة واحدة، لكنهم يأملون أن ينجح اللقاء في وضع أرضية مشتركة لوقف التصعيد وإعادة إطلاق قنوات الاتصال الفعالة. إن نتائج هذا الاجتماع لن تحدد مسار العلاقات الثنائية فحسب، بل سيكون لها تداعيات واسعة على الاقتصاد العالمي والنظام الدولي بأكمله، حيث يراقب حلفاء البلدين وخصومهما عن كثب ما سيسفر عنه الحوار في سيول.





