مجلس الأمن يرفع اسم أحمد الشرع من قائمة العقوبات بموافقة 14 دولة وامتناع الصين
في خطوة تعكس التحولات السياسية المتسارعة في سوريا، وافق مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة في جلسة جرت خلال شهر ديسمبر 2024 بأغلبية كاسحة على قرار يقضي بإزالة اسم القائد العام لهيئة تحرير الشام ورئيس الحكومة السورية الانتقالية، أحمد الشرع (المعروف سابقًا بأبي محمد الجولاني)، من قائمة العقوبات الدولية. حظي القرار بتأييد 14 عضوًا من أصل 15، بينما كان الموقف اللافت هو امتناع الصين عن التصويت، دون أن تستخدم حق النقض (الفيتو) لتعطيل القرار.

خلفية القرار والسياق السياسي الجديد
يأتي هذا القرار في أعقاب الانهيار المفاجئ لنظام بشار الأسد وسيطرة قوات المعارضة بقيادة هيئة تحرير الشام على العاصمة دمشق. أُدرج اسم أحمد الشرع على قوائم العقوبات الأممية منذ عام 2013 بسبب ارتباطاته السابقة بتنظيم القاعدة، حيث كانت هيئة تحرير الشام تُعرف سابقًا باسم جبهة النصرة. شملت العقوبات تجميد الأصول وحظر السفر ومنع توريد الأسلحة، وهي إجراءات كانت تهدف إلى عزله وتقييد حركة تنظيمه.
مع تولي الشرع قيادة المرحلة الانتقالية في سوريا، برزت ضرورة ملحة للمجتمع الدولي للتعامل مع الواقع الجديد. وقد دفعت دول غربية، أبرزها المملكة المتحدة وفرنسا بدعم من الولايات المتحدة، باتجاه رفع العقوبات لتسهيل التواصل الدبلوماسي مع القيادة الجديدة، وتمكينها من إدارة شؤون الدولة، وتفادي حدوث فراغ أمني أو انهيار اقتصادي قد يؤدي إلى أزمة إنسانية أوسع.
تفاصيل التصويت وموقف الصين المتميز
كانت نتيجة التصويت حاسمة، حيث صوتت جميع الدول الأعضاء لصالح القرار باستثناء الصين. والمثير للانتباه هو أن روسيا، الحليف السابق لنظام الأسد والعضو الدائم في مجلس الأمن، صوتت لصالح رفع العقوبات، في إشارة واضحة إلى قبولها بالواقع الجديد ورغبتها في لعب دور في مستقبل سوريا. هذا الإجماع بين الدول الغربية وروسيا جعل موقف الصين بالامتناع أكثر بروزًا.
بررت الصين موقفها بأنها تدعم بشكل عام مكافحة الإرهاب وتوخي الحذر الشديد عند رفع العقوبات عن أفراد أو كيانات مدرجة على قوائم الإرهاب. وأوضح المندوب الصيني أن بكين ترى أن العملية كانت متسرعة ولم تمنح الوقت الكافي لإجراء تقييم شامل وموضوعي للتطورات. وأضاف أن مثل هذه القرارات يجب أن تستند إلى معايير واضحة وإجراءات راسخة للحفاظ على سلطة ومصداقية نظام العقوبات الأممي، مشيرًا إلى ضرورة تبني نهج شامل بدلاً من اتخاذ قرارات فردية قد تضعف النظام العالمي لمكافحة الإرهاب.
الأهمية والتداعيات المستقبلية
يحمل قرار رفع العقوبات عن أحمد الشرع أهمية رمزية وعملية كبيرة، ويمكن تلخيص تداعياته في النقاط التالية:
- الشرعية الدولية: يمنح القرار الشرع درجة من الشرعية الدولية، مما يسهل عليه مهمة تشكيل حكومة انتقالية معترف بها والبدء في حوار سياسي واسع.
- التنقل الدبلوماسي: يتيح له القرار السفر والمشاركة في محادثات إقليمية ودولية، وهو أمر حيوي لحشد الدعم السياسي والاقتصادي اللازم لإعادة الاستقرار إلى سوريا.
- التعاملات المالية: يفتح الباب أمام الحكومة الانتقالية للوصول إلى المساعدات الإنسانية والتمويل الدولي اللازم لإعادة بناء البنية التحتية وتقديم الخدمات الأساسية للشعب السوري.
على الرغم من هذه الخطوة الإيجابية، لا تزال الحكومة الانتقالية في سوريا تواجه تحديات هائلة، بما في ذلك توحيد الفصائل المختلفة، وإعادة بناء مؤسسات الدولة، ومعالجة الأزمة الاقتصادية العميقة. ويبقى موقف الصين الحذر مؤشرًا على أن الطريق نحو الاعتراف الدولي الكامل قد لا يزال يتطلب المزيد من الوقت والجهود لإثبات الالتزام بالاستقرار ومكافحة التطرف.





