سوريا ترحب بقرار مجلس الأمن رفع العقوبات عن رئيس الحكومة الانتقالية أحمد الشرع
أعلنت البعثة السورية الدائمة لدى الأمم المتحدة في أواخر شهر ديسمبر 2024، عن ترحيبها الرسمي بقرار مجلس الأمن الدولي القاضي بإزالة اسم رئيس الحكومة الانتقالية، أحمد الشرع، من قائمة العقوبات الدولية. جاء هذا الموقف على لسان المندوب السوري الجديد، إبراهيم علبي، في أول تعليق رسمي للإدارة الجديدة في دمشق على هذا التطور الدبلوماسي المحوري، الذي يُعد خطوة جوهرية لتمكين الحكومة المؤقتة من مباشرة مهامها بفعالية خلال المرحلة الانتقالية الحاسمة التي تمر بها البلاد.

تفاصيل الموقف السوري الرسمي
أكد المندوب السوري أن هذا القرار يمثل خطوة بناءة وإيجابية من المجتمع الدولي، ويعكس تفهماً للواقع الجديد في سوريا بعد التغييرات السياسية الأخيرة. وأوضح أن رفع العقوبات عن رئيس الحكومة الانتقالية سيسهم في تسهيل جهود تحقيق الاستقرار وإعادة بناء مؤسسات الدولة على أسس جديدة. كما شدد على أهمية دعم المجتمع الدولي للعملية السياسية التي يقودها السوريون بأنفسهم، بما يضمن سيادة سوريا ووحدة أراضيها، ويمهد الطريق أمام مرحلة من التعافي والمصالحة الوطنية الشاملة. واعتُبر هذا التصريح بمثابة رسالة دبلوماسية تهدف إلى فتح صفحة جديدة من التعاون مع العالم الخارجي.
خلفية قرار رفع العقوبات
يأتي قرار مجلس الأمن بعد أسابيع قليلة من انهيار نظام الحكم السابق في سوريا وتولي أحمد الشرع، القائد السابق لهيئة تحرير الشام، قيادة الإدارة الانتقالية. وكان الشرع قد أُدرج على قوائم العقوبات الدولية منذ سنوات بسبب ارتباطاته السابقة بتنظيم القاعدة وقيادته لجبهة النصرة، التي صنفتها الأمم المتحدة منظمة إرهابية. إلا أن التحولات الدراماتيكية على الأرض دفعت القوى الدولية الكبرى، بما في ذلك الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا، إلى تقديم طلب لمجلس الأمن لرفع اسمه من القائمة.
تم تمرير القرار دون استخدام حق النقض (الفيتو) من أي من الدول دائمة العضوية، حيث امتنعت كل من روسيا والصين عن التصويت. وقد بررت الدول الغربية هذه الخطوة بأنها ضرورة عملية لا غنى عنها للتعامل مع السلطة القائمة في دمشق، وتسهيل وصول المساعدات الإنسانية، ودعم مسار سياسي مستقر وفقاً لمرجعيات دولية، وعلى رأسها قرار مجلس الأمن رقم 2254.
الأهمية والتداعيات المترتبة على القرار
يحمل قرار رفع العقوبات أهمية رمزية وعملية كبيرة للحكومة الانتقالية في سوريا. من الناحية العملية، يتيح القرار للشرع حرية الحركة والسفر للمشاركة في المحافل الدولية، كما يفك تجميد الأصول المالية التي قد تكون مرتبطة به، مما يمنحه القدرة على إدارة شؤون الدولة والتواصل الدبلوماسي بشكل مباشر ورسمي. وتتمثل أهميته في النقاط التالية:
- تسهيل الحوار الدبلوماسي: يزيل القرار عقبة قانونية رئيسية كانت تمنع المسؤولين الدوليين من التعامل المباشر مع رئيس الحكومة السورية الجديدة.
- دعم الاستقرار الاقتصادي: يفتح الباب أمام إمكانية التعاملات المالية الضرورية لتسيير عمل الحكومة ودفع رواتب الموظفين وتمويل الخدمات الأساسية.
- تعزيز الشرعية الدولية: يُنظر إلى القرار على أنه خطوة أولى نحو الاعتراف الدولي التدريجي بالإدارة الجديدة، مما يعزز موقفها التفاوضي والسياسي على الساحة العالمية.
في ظل التحولات السياسية في سوريا
جاء هذا التطور في سياق مرحلة انتقالية تهدف إلى إعادة بناء الدولة السورية بعد سنوات من الصراع. وتعهدت الإدارة الجديدة بقيادة الشرع بالعمل على صياغة دستور جديد وإجراء انتخابات حرة ونزيهة، وتأسيس نظام سياسي قائم على العدالة والمواطنة. ويعتبر المجتمع الدولي أن نجاح هذه المرحلة يعتمد بشكل كبير على قدرة الحكومة الانتقالية على كسب ثقة السوريين والمجتمع الدولي، ويُنظر إلى قرار رفع العقوبات كبادرة حسن نية تهدف إلى تشجيع هذه الحكومة على المضي قدماً في مسار الإصلاح السياسي الشامل والالتزام بتعهداتها.



