مستقبل حكم غزة: حماس توضح موقفها من إدارة القطاع في مرحلة ما بعد الحرب
أكدت مصادر قيادية في حركة حماس خلال الأسابيع الأخيرة أن مسألة إدارة قطاع غزة في اليوم التالي لانتهاء الحرب الحالية هي شأن فلسطيني داخلي، مشيرة إلى أن الحركة لا تتمسك بالبقاء في السلطة بشكل منفرد. وتأتي هذه التصريحات في ظل تزايد النقاش الدولي والإقليمي حول مستقبل القطاع، والسيناريوهات المطروحة لإدارته سياسياً وأمنياً بعد انتهاء العمليات العسكرية الإسرائيلية.

خلفية: حكم حماس لغزة
منذ سيطرتها على قطاع غزة في عام 2007 بعد صراع مع حركة فتح، تولت حماس مسؤولية الإدارة الكاملة للقطاع. خلال هذه الفترة، واجهت الحركة تحديات كبيرة تمثلت في الحصار الإسرائيلي المصري، وثلاثة حروب كبرى قبل الصراع الحالي، بالإضافة إلى صعوبات اقتصادية وإدارية داخلية. وقد جعل هذا الواقع مسألة من سيحكم غزة في المستقبل نقطة محورية في أي محادثات لإنهاء الصراع الحالي وتحقيق استقرار طويل الأمد.
رؤية حماس لمرحلة ما بعد الحرب
طرحت قيادات الحركة، ومن بينهم رئيس مكتبها السياسي إسماعيل هنية ومسؤولون آخرون، رؤية متكاملة للمستقبل لا ترتكز على استمرار حكمها المنفرد. وتتلخص أبرز نقاط هذه الرؤية في الآتي:
- حكومة وحدة وطنية: تدعو الحركة إلى تشكيل حكومة توافق وطني أو حكومة كفاءات (تكنوقراط) تشمل كافة الفصائل الفلسطينية، وتكون مهمتها الأساسية إعادة إعمار غزة والتحضير لإجراء انتخابات عامة رئاسية وتشريعية.
- مرجعية فلسطينية موحدة: تؤكد حماس على ضرورة إعادة بناء منظمة التحرير الفلسطينية لتشمل جميع القوى، بما فيها حماس والجهاد الإسلامي، لتكون الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني.
- وحدة الضفة وغزة: ترفض الحركة أي خطط تهدف إلى فصل قطاع غزة عن الضفة الغربية، وتشدد على أن أي ترتيبات مستقبلية يجب أن تشمل كلا المنطقتين ككيان جغرافي وسياسي واحد.
- التمييز بين المقاومة والحكم: توضح الحركة أنها فصيل مقاومة في الأساس، وأن دورها في الحكم جاء نتيجة لظروف سياسية محددة، وهي مستعدة للتخلي عن دورها الإداري لصالح إطار وطني فلسطيني جامع، مع استمرارها كقوة مقاومة.
المواقف الدولية والإقليمية
تتباين المواقف الدولية بشكل كبير حول مستقبل حكم غزة. فبينما تصر الولايات المتحدة وإسرائيل على ضرورة إقصاء حماس بالكامل من أي دور سياسي أو عسكري في مستقبل القطاع، وتقترحان سيناريوهات تتضمن تولي السلطة الفلسطينية "المتجددة" زمام الأمور، فإن هذا الطرح يواجه عقبات كبيرة. فالسلطة الفلسطينية تعاني من ضعف في شعبيتها ومصداقيتها بين الفلسطينيين، كما أنها ترفض العودة إلى غزة على "ظهر دبابة إسرائيلية".
من جانبها، تلعب دول إقليمية مثل مصر وقطر دوراً محورياً في الوساطة، ليس فقط للتوصل إلى وقف لإطلاق النار، بل أيضاً في محاولة بلورة توافق حول إدارة القطاع في المستقبل. وتسعى هذه الدول إلى إيجاد صيغة تمنع الفوضى وتضمن بدء عملية إعادة الإعمار، مع الأخذ في الاعتبار موازين القوى على الأرض والمواقف الدولية المتضاربة.
الأهمية والتداعيات المستقبلية
تكمن أهمية هذه التصريحات في أنها تعكس مرونة محتملة من جانب حماس قد تفتح الباب أمام حوار فلسطيني داخلي جاد لإنهاء الانقسام المستمر منذ عام 2007. إن تشكيل حكومة وحدة وطنية قد يكون خطوة أولى نحو إعادة ترتيب البيت الفلسطيني، وهو شرط أساسي يراه الكثيرون ضرورياً لأي حل سياسي مستقبلي. ومع ذلك، يبقى التحدي الأكبر هو الفجوة الواسعة بين ما يقبله الفلسطينيون، بما في ذلك حماس، وبين الشروط التي تضعها إسرائيل والولايات المتحدة، مما يجعل أي حل توافقي أمراً صعب المنال في المدى القريب.




