مصافحات ترامب وماكرون: كيف تحولت لغة الجسد إلى أداة سياسية
خلال فترة رئاستهما، تحولت اللقاءات بين الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى محط أنظار العالم، ليس فقط بسبب المباحثات السياسية، بل بسبب أسلوب المصافحة غير التقليدي الذي أصبح سمة مميزة لعلاقتهما. تطورت هذه التحيات من مجرد إجراء بروتوكولي إلى ما يشبه مواجهات رمزية، تم تحليلها على نطاق واسع باعتبارها تعبيراً عن ديناميكيات القوة والتنافس السياسي بين الزعيمين.

خلفية الحدث: أكثر من مجرد تحية
بدأت القصة بشكل جاد خلال أول لقاء رسمي بينهما على هامش قمة حلف شمال الأطلسي (الناتو) في بروكسل في مايو 2017. في ذلك اللقاء، تبادل الزعيمان مصافحة قوية وطويلة بشكل لافت، بدت فيها مفاصل أصابعهما بيضاء من شدة الضغط. كان ترامب معروفاً بالفعل بأسلوبه في المصافحة الذي يتسم بالقوة والجذب، والذي استخدمه مع العديد من قادة العالم. لكن ماكرون، الذي بدا مستعداً لذلك، بادله بنفس القوة والثبات. اعترف ماكرون لاحقاً في تصريحات صحفية بأن المصافحة لم تكن بريئة، بل كانت "لحظة حقيقة" تهدف إلى إظهار أنه لن يقدم تنازلات رمزية أو سياسية.
تطور المواجهات الجسدية
لم تكن مصافحة بروكسل حدثاً عابراً، بل أسست لنمط متكرر في لقاءاتهما اللاحقة، حيث أصبحت كل مصافحة فصلاً جديداً في هذه العلاقة المعقدة. من أبرز هذه المواجهات:
- زيارة باريس (يوليو 2017): خلال احتفالات يوم الباستيل، تبادل الزعيمان مصافحة استمرت لما يقرب من 30 ثانية، تخللتها نظرات مباشرة وتعبيرات وجه متغيرة، مما جعلها مادة دسمة للتحليل الإعلامي.
- زيارة واشنطن (أبريل 2018): أثناء زيارة ماكرون الرسمية للبيت الأبيض، استمرت المواجهات الرمزية. وفي إحدى اللحظات الشهيرة، قام ترامب بإزالة ما وصفه بـ "قشرة" عن كتف ماكرون أمام الكاميرات، وهي لفتة فسرها الكثيرون على أنها محاولة لإظهار الهيمنة بطريقة أبوية.
الأهمية السياسية والتحليل
تجاوزت هذه المصافحات حدود لغة الجسد لتصبح انعكاساً للعلاقة السياسية المتقلبة بين واشنطن وباريس في تلك الفترة. كانت المصافحات بمثابة تمثيل مادي للخلافات العميقة بينهما حول قضايا جوهرية، مثل اتفاق باريس للمناخ، والاتفاق النووي الإيراني، والسياسات التجارية. فسر خبراء لغة الجسد والمحللون السياسيون هذه التفاعلات على أنها "صراع إرادات" بين زعيمين يسعى كل منهما لفرض شخصيته وأجندته على الساحة الدولية. كانت طريقتهما في إظهار أنهما متساويان في القوة، وأن أياً منهما لن يخضع للآخر بسهولة.
التغطية الإعلامية وردود الفعل
حظيت هذه الأحداث بتغطية إعلامية عالمية مكثفة. تحولت مقاطع الفيديو للمصافحات إلى مواد فيروسية على وسائل التواصل الاجتماعي، وأثارت جدلاً واسعاً ونقاشات حول أساليب الدبلوماسية الحديثة. بالنسبة لوسائل الإعلام، أصبحت مراقبة وتحليل مصافحة ترامب وماكرون جزءاً لا يتجزأ من تغطية أي لقاء يجمعهما، مما سلط الضوء على كيف يمكن للتفاعلات الشخصية بين القادة أن تحمل دلالات سياسية عميقة وتؤثر على التصور العام للعلاقات الدولية.





