مصير مقاتلي حماس في أنفاق رفح: التحديات والمخارج المحتملة
تعيش المنطقة حالة من الترقب الشديد والتوتر المتصاعد مع تزايد الاهتمام بمصير مجموعة من مقاتلي حركة حماس الذين يُعتقد أنهم عالقون داخل شبكة الأنفاق المعقدة أسفل مدينة رفح جنوب قطاع غزة. هذه القضية المحورية تتكشف في ظل محاولات متكررة للتوصل إلى اتفاقيات لوقف إطلاق النار وتبادل الأسرى، والتي لم تفضِ بعد إلى حل جذري لوضع هؤلاء المقاتلين. يبرز هذا المأزق كعقبة رئيسية في مساعي التهدئة الشاملة، مع تزايد الضغوط الدولية، خاصة من الولايات المتحدة، للتوصل إلى تسوية تضمن خروجهم الآمن في إطار صفقة أوسع تتضمن تسليم رفات جنود إسرائيليين.

خلفية الأزمة وأهمية أنفاق رفح
تُعد أنفاق رفح شريانًا حيويًا ومكونًا استراتيجيًا لحركة حماس على مدى سنوات طويلة. هذه الشبكة تحت الأرض لا تستخدم فقط لتهريب البضائع والأسلحة، بل توفر أيضًا ملاذًا ومسارات للتنقل الآمن لمقاتلي الحركة، بعيدًا عن الاستهداف العلني. في سياق الصراع الأخير، وبعد العملية العسكرية الإسرائيلية الواسعة في قطاع غزة، أصبحت هذه الأنفاق، وخاصة تلك المتمركزة تحت رفح، نقطة محورية للعمليات العسكرية الإسرائيلية الهادفة إلى تفكيك البنية التحتية لحماس. لقد شكلت هذه الأنفاق تحديًا عملياتيًا كبيرًا للقوات الإسرائيلية، التي سعت جاهدة لاكتشافها وتدميرها، مما أدى إلى محاصرة مجموعات من المقاتلين داخلها أو إعاقتهم عن الحركة.
تزايد التركيز على هذه الأنفاق تزامن مع تقدم القوات الإسرائيلية نحو رفح، التي وُصفت بأنها "المعقل الأخير" لحماس. دفعت هذه التطورات الميدانية العديد من المقاتلين إلى اللجوء إلى الأنفاق كخط دفاع أخير، مما أدى إلى الوضع الحالي حيث يُعتقد أن أعدادًا منهم محاصرون أو غير قادرين على الانسحاب، حتى في أوقات التهدئة المتفق عليها نظريًا. لم تنجح الاتفاقات الجزئية لوقف إطلاق النار أو الهدنات الإنسانية التي تم التوصل إليها سابقًا في توفير ممرات آمنة أو آليات واضحة لخروج هؤلاء المقاتلين، مما أبقى مصيرهم معلقًا ومصدرًا للتوتر المستمر.
الضغوط الدولية وشروط الخروج
تُمارس ضغوط دولية مكثفة، بقيادة الولايات المتحدة، على إسرائيل وحماس على حد سواء لإيجاد حل لهذا المأزق. واشنطن، إلى جانب وسطاء إقليميين مثل مصر وقطر، ترى أن حل قضية المقاتلين العالقين أمر ضروري لتجنب تصعيد أوسع في رفح وللمضي قدمًا في أي اتفاقيات مستقبلية لتبادل الأسرى أو وقف دائم لإطلاق النار. هذه الضغوط ليست فقط دبلوماسية، بل تشمل أيضًا محاولات للتنسيق بشأن آليات الإجلاء المحتملة.
في قلب هذه المفاوضات يكمن الشرط الإسرائيلي المتمثل في تسليم رفات الجندي هدار غولدن. كان غولدن جنديًا إسرائيليًا قُتل خلال عملية عسكرية في غزة عام 2014، وتُعتقد حماس أنها تحتفظ برفاته. بالنسبة لإسرائيل، تُعد استعادة رفات جنودها قضية ذات أهمية وطنية وعاطفية قصوى، وهي غالبًا ما تُدرج كشرط أساسي في أي صفقات تبادل أسرى أو تسويات تتعلق بحماس. ربط مصير المقاتلين العالقين بتسليم رفات غولدن يعكس استراتيجية إسرائيلية لربط قضايا إنسانية وعسكرية معًا، لزيادة الضغط على حماس لإبداء مرونة في المفاوضات. هذه القضية تشكل نقطة خلاف رئيسية، حيث تسعى حماس غالبًا للحصول على تنازلات كبيرة مقابل أي تسليم للرفات أو الأسرى.
الوضع الإنساني والتداعيات المستقبلية
إن استمرار هذا المأزق له تداعيات خطيرة على الوضع الإنساني المتدهور أصلاً في قطاع غزة، وخاصة في رفح التي تؤوي مئات الآلاف من النازحين. أي تصعيد محتمل أو استمرار للعمليات العسكرية الرامية للتعامل مع المقاتلين العالقين يمكن أن يؤدي إلى تفاقم الأزمة الإنسانية، مع مخاطر على المدنيين وزيادة الضغط على البنية التحتية المنهارة. كما أن مصير هؤلاء المقاتلين يؤثر بشكل مباشر على ديناميكيات المفاوضات الأوسع. إذا لم يتم التوصل إلى حل، فقد يعيق ذلك أي تقدم نحو وقف دائم لإطلاق النار أو صفقة شاملة لتبادل الأسرى، مما يطيل أمد الصراع ويحافظ على حالة عدم الاستقرار.
على الصعيد السياسي، يؤثر هذا المأزق على مكانة كل من حماس وإسرائيل. بالنسبة لحماس، فإن القدرة على تأمين خروج آمن لمقاتليها يعكس قوتها التفاوضية وقدرتها على حماية عناصرها، بينما الفشل قد يُنظر إليه على أنه ضعف. بالنسبة لإسرائيل، فإن التعامل مع هذه القضية يختبر قدرتها على تحقيق أهدافها الأمنية مع مراعاة الضغوط الدولية والاعتبارات الإنسانية. في ظل هذه الظروف المعقدة، تبقى المنطقة بأسرها في حالة ترقب، مع الآمال معلقة على تدخل دبلوماسي فعال يمكن أن يفتح مخرجًا لهذه الأزمة الوجودية.





