نتنياهو وكوشنر يبحثان نزع سلاح حماس وتجريد غزة منه
أعلنت الحكومة الإسرائيلية، في وقت سابق من هذا الأسبوع، أن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو عقد اجتماعًا مع مبعوث الرئيس الأمريكي السابق جاريد كوشنر لمناقشة قضايا محورية تتعلق بقطاع غزة. تركزت المحادثات بشكل أساسي على فكرة نزع سلاح حركة حماس وتجريد القطاع الساحلي من جميع الأسلحة، إضافة إلى بحث السبل الكفيلة بمنع الحركة من المشاركة في إدارة غزة مستقبلاً.

خلفية وتاريخ القضية
تمثل قضية قطاع غزة وسيطرة حركة حماس عليه منذ عام 2007 بعد فوزها في الانتخابات التشريعية الفلسطينية وصراعها مع حركة فتح، تحديًا أمنيًا وسياسيًا مزمنًا في الشرق الأوسط. إسرائيل، التي تصنف حماس كمنظمة إرهابية، تعتبر وجود ترسانة أسلحة كبيرة لدى الحركة، بما في ذلك الصواريخ والأنفاق الهجومية، تهديدًا مباشرًا لأمن مواطنيها. وقد خاض الطرفان عدة جولات من الصراع العسكري، كان آخرها خلال السنوات الماضية، مما جدد المطالبات الإسرائيلية والدولية بضرورة إيجاد حل مستدام يضمن الأمن لإسرائيل ويحقق الاستقرار والتنمية لغزة وسكانها.
لطالما كانت الولايات المتحدة طرفًا رئيسيًا في جهود الوساطة بين الإسرائيليين والفلسطينيين، ومع أن جاريد كوشنر لم يعد مبعوثًا رسميًا للإدارة الحالية، فإن استمرار محادثاته مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يشير إلى دوره المستمر، أو على الأقل تأثيره، في مناقشة الحلول المطروحة للمنطقة. خلال فترة عمله كمستشار كبير للرئيس السابق دونالد ترامب، كان كوشنر مهندس "صفقة القرن" التي تضمنت رؤى محددة لمستقبل المنطقة، وإن لم تلقَ قبولًا واسعًا. ومع ذلك، فإن مشاركته في هذه المحادثات الحالية تؤكد على الأهمية التي يوليها لملف غزة ومستقبلها الأمني والسياسي.
إن الدعوة إلى "نزع سلاح حماس" و"تجريد قطاع غزة بالكامل من السلاح" ليست جديدة في الخطاب الإسرائيلي والدولي. فقد طرحت هذه المطالب عدة مرات كشرط لأي عملية سلام أو لضمان استمرارية الهدوء بعد فترات التصعيد. تهدف هذه المطالب إلى منع أي فصيل مسلح من القدرة على شن هجمات ضد إسرائيل، وبالتالي إزالة أحد أكبر مصادر التوتر في المنطقة.
تفاصيل المحادثات وأهدافها
تضمنت محادثات نتنياهو وكوشنر استعراضًا للمقترحات والسيناريوهات المحتملة لتحقيق هدف نزع سلاح حماس بشكل فعال. يشمل هذا المفهوم عادة تفكيك القدرات العسكرية للحركة، بما في ذلك مخزون الأسلحة، البنية التحتية العسكرية، وقدرات التصنيع. كما تطرقت المحادثات إلى ضرورة "تجريد قطاع غزة بالكامل من السلاح"، وهو ما يعني عمليًا تحويل القطاع إلى منطقة منزوعة السلاح لا يسمح فيها بوجود أي قوات مسلحة غير حكومية أو أسلحة ثقيلة.
جزء أساسي آخر من الأجندة كان مناقشة كيفية ضمان عدم مشاركة حماس في إدارة القطاع مستقبلاً. يعكس هذا الموقف الإسرائيلي والأمريكي المشترك، الذي يرى أن استمرار حماس في السلطة يعيق أي آفاق للسلام والاستقرار. يشمل ذلك البحث عن آليات لإقامة سلطة حكم بديلة في غزة تكون مقبولة دوليًا، قادرة على توفير الخدمات المدنية، وتلتزم بالاتفاقيات الدولية، ولا تشكل تهديدًا لأمن إسرائيل.
الأهمية والتداعيات المحتملة للمباحثات
تكتسب هذه المحادثات بين نتنياهو وكوشنر أهمية قصوى نظرًا للملفات الحساسة التي تناولتها ولتوقيتها، حيث تعكس استمرار الجهود خلف الكواليس لتشكيل مستقبل غزة في مرحلة ما بعد الصراعات المستمرة. إن التركيز على نزع سلاح حماس يشير إلى أن إسرائيل تعتبر هذا الأمر شرطًا لا غنى عنه لأي ترتيبات أمنية مستقبلية في المنطقة. كما أن مناقشة منع حماس من إدارة القطاع تؤكد على سعي إسرائيل والولايات المتحدة لإيجاد بديل لحكم الحركة.
ومع ذلك، فإن تنفيذ مثل هذه الخطط يواجه تحديات هائلة. فحركة حماس، التي تتمتع بقاعدة شعبية في غزة، تعتبر سلاحها جزءًا أساسيًا من "مقاومتها" ولن تتخلى عنه طواعية. هذا يعني أن أي محاولة لفرض نزع السلاح قد تتطلب جهدًا عسكريًا كبيرًا، وهو ما قد يؤدي إلى مزيد من التصعيد والعنف. علاوة على ذلك، فإن قضية من سيتولى إدارة غزة بعد حماس، وكيفية إحداث هذا الانتقال، هي قضايا معقدة تتطلب ليس فقط توافقًا إقليميًا ودوليًا كبيرًا، بل وقبولًا داخليًا فلسطينيًا قد يكون صعب المنال في ظل الانقسام السياسي الحالي.
تداعيات هذه المباحثات قد تشمل:
- تأثير على الديناميكيات الإقليمية: قد تؤثر هذه الخطط على العلاقات بين إسرائيل والدول العربية التي تربطها بها اتفاقيات سلام، وكذلك على الدول الأخرى في المنطقة.
- ردود الفعل الفلسطينية: من المرجح أن تثير هذه المباحثات ردود فعل قوية من الفصائل الفلسطينية المختلفة، خاصة حماس والسلطة الفلسطينية.
- الدور الدولي: يتطلب أي حل مستدام لغزة دعمًا دوليًا واسعًا، سواء من حيث المراقبة الأمنية أو التمويل لإعادة الإعمار والتنمية.
- مستقبل عملية السلام: قد تمهد هذه الخطوات الطريق لجهود سلام أوسع، أو قد تزيد من تعقيدات الوضع إذا لم تتم إدارتها بحذر.
الآفاق المستقبلية
تظل المباحثات حول نزع سلاح غزة وإدارة مستقبلها نقطة محورية في النقاشات الجارية حول حل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي. على الرغم من تعقيداتها، فإن استمرار مثل هذه الاجتماعات رفيعة المستوى يشير إلى جدية الأطراف في استكشاف جميع الخيارات المتاحة. سيتطلب أي تقدم ملموس في هذه الملفات، جهدًا دبلوماسيًا مكثفًا، وتوافقًا واسعًا، وإرادة سياسية قوية من جميع الأطراف المعنية.





