وزير الاتصالات: مصر ترسخ مكانتها كمركز إقليمي لتكنولوجيا المعلومات والتعهيد
في تصريحات حديثة صدرت عن الدكتور عمرو طلعت، وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، أكدت مصر على ترسيخ مكانتها كمركز إقليمي بارز ومهم في قطاع تكنولوجيا المعلومات وصناعة التعهيد. وتشير هذه التصريحات، التي تعكس جهودًا متواصلة واستراتيجية، إلى أن هذا القطاع الحيوي بات يمثل دعامة أساسية من دعائم الاقتصاد الوطني، يضاهي في أهميته قطاعات تقليدية مثل السياحة والزراعة والصناعة. ويعكس هذا التطور رؤية طموحة نحو بناء اقتصاد رقمي قوي ومتنوع، قادر على المنافسة على الصعيدين الإقليمي والعالمي.

خلفية وتطورات استراتيجية
لطالما سعت مصر، عبر استراتيجيات حكومية واضحة، إلى التحول نحو اقتصاد المعرفة وتوطين التكنولوجيا. وتعد رؤية مصر الرقمية (Digital Egypt) محورًا أساسيًا لهذه الجهود، والتي تهدف إلى بناء مجتمع رقمي، وتطوير بنية تحتية رقمية قوية، وتنمية صناعة تكنولوجيا المعلومات والاتصالات. وقد شهدت السنوات الأخيرة تسارعًا ملحوظًا في تنفيذ هذه الاستراتيجية، بدعم من وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات وذراعها التنموي، هيئة تنمية صناعة تكنولوجيا المعلومات (ITIDA)، والتي لعبت دورًا محوريًا في جذب الاستثمارات وتعزيز القدرات المحلية. تركز هذه الاستراتيجية على عدة محاور منها:
- تطوير البنية التحتية: الاستثمار الضخم في شبكات الألياف الضوئية وتحسين سرعات الإنترنت لتلبية متطلبات العصر الرقمي.
- تنمية المهارات: إطلاق برامج تدريبية مكثفة تستهدف الشباب والخريجين لتزويدهم بالمهارات التكنولوجية الحديثة المطلوبة في سوق العمل العالمي، مثل الذكاء الاصطناعي، وتحليل البيانات، والأمن السيبراني.
- جذب الاستثمارات: توفير حوافز تشجيعية للشركات المحلية والعالمية للاستثمار في قطاع تكنولوجيا المعلومات والتعهيد في مصر.
جهود تعزيز البنية التحتية والمواهب
لتحقيق طموحاتها كمركز إقليمي، أولت مصر اهتمامًا خاصًا بتطوير بيئة عمل جاذبة ومحفزة. ففي مجال البنية التحتية، تم توسيع نطاق شبكات الإنترنت فائقة السرعة، وإنشاء العديد من مراكز البيانات المتطورة، مما يعزز من قدرة البلاد على استضافة وتشغيل الخدمات الرقمية الكبرى. كما تم إطلاق وتوسيع مجمعات الإبداع الرقمي (CREATIVA) في مختلف أنحاء الجمهورية، والتي تعمل كحاضنات للشركات الناشئة ومراكز لتنمية الابتكار التكنولوجي.
وعلى صعيد بناء القدرات البشرية، قامت الوزارة بجهود مكثفة لتدريب وتأهيل الكوادر الشابة. وقد شملت هذه البرامج تخصصات دقيقة ومتزايدة الطلب عالميًا، مما أدى إلى تخريج أعداد كبيرة من المتخصصين القادرين على العمل في مجالات التعهيد المختلفة، سواء كانت خدمات الأعمال (BPO)، أو تعهيد المعرفة (KPO)، أو تعهيد العمليات القانونية (LPO). هذه الجهود ساهمت في بناء قاعدة قوية من المواهب الشابة المتعددة اللغات، والتي تتمتع بمهارات عالية، وتكاليف تشغيلية تنافسية مقارنة بالأسواق الأخرى.
الأهمية الاقتصادية والآفاق المستقبلية
إن ترسيخ مكانة مصر كمركز إقليمي لتكنولوجيا المعلومات والتعهيد يحمل في طياته أبعادًا اقتصادية واجتماعية متعددة الأوجه. من الناحية الاقتصادية، يسهم هذا القطاع بشكل كبير في:
- تنويع مصادر الدخل القومي: بتقليل الاعتماد على القطاعات التقليدية وزيادة مساهمة القطاع التكنولوجي في الناتج المحلي الإجمالي.
- خلق فرص عمل للشباب: توفير وظائف نوعية ومستدامة للآلاف من الشباب المصري، وتزويدهم بمهارات المستقبل.
- جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة: تحويل مصر إلى وجهة مفضلة للشركات العالمية الباحثة عن بيئة مواتية للابتكار والتوسع.
- زيادة الصادرات الرقمية: نمو صادرات الخدمات التكنولوجية المصرية إلى الأسواق الإقليمية والعالمية.
مع موقعها الجغرافي الاستراتيجي الذي يربط بين قارات ثلاث، وتعدادها السكاني الشاب والمتعلم، وقدرتها على توفير التكاليف التنافسية، تتمتع مصر بمقومات فريدة لتعزيز دورها الريادي. وتتطلع الحكومة المصرية إلى مواصلة دعم هذا القطاع من خلال تطوير المزيد من الحوافز، وتوسيع نطاق البرامج التدريبية، وتبني أحدث التقنيات لضمان استمرار النمو والابتكار. وتؤكد هذه التطورات أن مصر تسير بخطى ثابتة نحو تحقيق رؤيتها في أن تصبح مركزًا عالميًا رائدًا في مجال تكنولوجيا المعلومات والخدمات الرقمية.





