وسط تصاعد التوترات.. إسرائيل تعلن حدودها مع مصر منطقة عسكرية مغلقة
أعلن الجيش الإسرائيلي في تطور لافت خلال الأيام الماضية، أن المنطقة المتاخمة للحدود المصرية قد أصبحت منطقة عسكرية مغلقة. يأتي هذا الإجراء في سياق توسيع عملياته العسكرية في مدينة رفح جنوب قطاع غزة والسيطرة الكاملة على محور فيلادلفيا الاستراتيجي، مما أثار توترات حادة مع القاهرة التي حذرت مرارًا من عواقب مثل هذه الخطوة.

التطورات الأخيرة والإعلان الرسمي
أكدت السلطات العسكرية الإسرائيلية أن القرار يهدف إلى تأمين الأنشطة العملياتية الجارية في المنطقة ومنع وصول المدنيين غير المصرح لهم. يرتبط هذا الإعلان بشكل مباشر بالتقدم البري الذي أحرزته القوات الإسرائيلية في رفح منذ أوائل مايو 2024، وسيطرتها على الجانب الفلسطيني من معبر رفح، وهو الشريان الحيوي الرئيسي لدخول المساعدات الإنسانية وخروج الجرحى من القطاع. تبرر إسرائيل تحركاتها بأن السيطرة على محور فيلادلفيا ضرورية لقطع أنفاق التهريب التي تدعي أن حركة حماس تستخدمها لتهريب الأسلحة إلى غزة.
خلفية تاريخية وسياق الأزمة
تستمد الحدود المصرية الإسرائيلية أهميتها وخصوصيتها من معاهدة السلام لعام 1979، التي أنهت عقودًا من الصراع بين البلدين وأرست أسسًا أمنية دقيقة للمناطق الحدودية. ويُعد محور فيلادلفيا، وهو شريط ضيق من الأرض يبلغ طوله 14 كيلومترًا يفصل بين مصر وقطاع غزة، أحد أبرز بنود الترتيبات الأمنية. نصت الاتفاقيات على أن تكون هذه المنطقة منزوعة السلاح أو ذات وجود أمني محدود للغاية، بهدف العمل كمنطقة عازلة. وظلت مصر تسيطر على جانبها من الحدود، بما في ذلك معبر رفح، الذي كان المنفذ الوحيد لغالبية سكان غزة إلى العالم الخارجي.
الأهمية الاستراتيجية وتداعيات القرار
يحمل قرار إسرائيل بتحويل المنطقة إلى منطقة مغلقة تداعيات خطيرة على عدة مستويات. فعلى الصعيد الدبلوماسي، تعتبر مصر أن الوجود العسكري الإسرائيلي المكثف في محور فيلادلفيا هو انتهاك مباشر لمعاهدة السلام وتهديد لأمنها القومي، مما وضع العلاقات الثنائية عند نقطة حرجة لم تشهدها منذ عقود. أما على الصعيد الإنساني، فقد أدى إغلاق معبر رفح من قبل إسرائيل إلى توقف شبه كامل لتدفق المساعدات الحيوية، مما فاقم الكارثة الإنسانية في القطاع المحاصر. أمنيًا، يرفع هذا الإجراء من مخاطر الاحتكاك المباشر بين الجيشين المصري والإسرائيلي، خاصة مع ورود تقارير عن تعزيز مصر لوجودها العسكري على جانبها من الحدود.
ردود الفعل والمواقف الدولية
جاء الموقف المصري حازمًا، حيث أدانت القاهرة بشدة السيطرة الإسرائيلية على المعبر والعمليات العسكرية في رفح. وأعلنت مصر رفضها التنسيق مع إسرائيل بشأن تشغيل المعبر، مشترطةً عودته إلى الإدارة الفلسطينية. وقد حظي الموقف المصري بدعم دولي واسع، حيث أعربت الأمم المتحدة والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي عن قلقهم البالغ إزاء التصعيد العسكري في رفح وتداعياته الإنسانية. وتتزايد الدعوات الدولية لإسرائيل بالالتزام بالقانون الدولي واحترام التزاماتها بموجب معاهدة السلام مع مصر، والعمل على تجنب توسع الصراع الذي قد يزعزع استقرار المنطقة بأكملها.




