إسرائيل تتهم حماس بمحاولة مقايضة جثمان جندي مقابل ممر آمن لمقاتليها برفح
في تطور جديد ضمن الصراع الدائر في قطاع غزة، وجهت إسرائيل اتهامات لحركة حماس بمحاولة استغلال جثمان جندي إسرائيلي كورقة مساومة لتأمين خروج آمن لمقاتليها من شبكة الأنفاق في مدينة رفح جنوبي القطاع. الادعاءات، التي تم تداولها على نطاق واسع في وسائل الإعلام الإسرائيلية نقلاً عن مصادر عسكرية، تسلط الضوء على الطبيعة المعقدة للمعارك الجارية تحت الأرض وتضيف بعداً جديداً للحرب النفسية والإعلامية بين الطرفين.
تفاصيل الادعاء الإسرائيلي
وفقاً للتقارير التي ظهرت في مايو 2024، فإن الحادثة المزعومة وقعت خلال العمليات العسكرية التي ينفذها الجيش الإسرائيلي في رفح. وتفيد الرواية الإسرائيلية بأن قوة من الجيش كانت تداهم أحد الأنفاق واكتشفت جثمان جندي إسرائيلي. يُزعم أنه أثناء هذه العملية، حاول مقاتلون من حماس كانوا محاصرين في نفق مجاور التفاوض بشكل غير مباشر مع القوات الإسرائيلية. العرض الذي طرحه المقاتلون، بحسب المصادر، كان يتمثل في الكشف عن موقع جثامين إسرائيلية أخرى محتجزة لديهم مقابل السماح لهم بالخروج الآمن من النفق دون استهدافهم.
أكدت المصادر العسكرية الإسرائيلية أن القوات رفضت هذا العرض بشكل قاطع واستمرت في عمليتها العسكرية، مشيرة إلى أن هذا التكتيك يعكس حالة اليأس التي وصل إليها مقاتلو الحركة تحت الضغط العسكري المتواصل في رفح. لم يقدم الجيش الإسرائيلي دليلاً مادياً علنياً يدعم هذه الرواية، لكنه شدد على أنها تعكس ما وصفه بـ "الأساليب غير الأخلاقية" التي تتبعها حماس.
خلفية العملية في رفح والسياق الأوسع
تأتي هذه الاتهامات في خضم عملية عسكرية إسرائيلية واسعة النطاق في رفح، وهي المنطقة التي تعتبرها إسرائيل المعقل الأخير لكتائب حماس المنظمة في قطاع غزة. بدأت العملية في أوائل مايو 2024 وسط تحذيرات دولية واسعة النطاق من كارثة إنسانية، حيث كانت المدينة تؤوي أكثر من مليون نازح فلسطيني. تمثلت الأهداف المعلنة للجيش الإسرائيلي في القضاء على مقاتلي حماس وتدمير البنية التحتية العسكرية، بما في ذلك شبكة الأنفاق الواسعة التي تستخدمها الحركة للتنقل والقتال وتخزين الأسلحة.
تُعد قضية الجنود والمدنيين الإسرائيليين المحتجزين في غزة، سواء الأحياء منهم أو جثامين القتلى، قضية شديدة الحساسية في المجتمع الإسرائيلي. وتتعرض الحكومة الإسرائيلية لضغوط هائلة من عائلات المحتجزين لإبرام صفقة تبادل مع حماس، وهي المفاوضات التي تعثرت مراراً وتكراراً. وفي هذا السياق، يمكن أن يُنظر إلى تسريب مثل هذه المعلومات على أنه يهدف إلى تعزيز الموقف الحكومي الرافض لشروط حماس وتصوير الحركة ككيان غير جدير بالثقة.
موقف حركة حماس والتداعيات المحتملة
لم يصدر عن حركة حماس أي تعليق رسمي يؤكد أو ينفي هذه الادعاءات الإسرائيلية المحددة. ومع ذلك، ترفض الحركة بشكل عام الروايات الإسرائيلية وتعتبرها جزءاً من الدعاية الحربية التي تهدف إلى تشويه صورتها والتأثير على الرأي العام. وتؤكد حماس باستمرار أن أي صفقة لتبادل الأسرى يجب أن تتضمن وقفاً شاملاً لإطلاق النار وانسحاباً كاملاً للقوات الإسرائيلية من قطاع غزة، وهي الشروط التي ترفضها إسرائيل حتى الآن.
لهذه الاتهامات تداعيات مهمة على عدة مستويات:
- على المستوى التفاوضي: قد تزيد من تعقيد مفاوضات تبادل الأسرى المتعثرة أصلاً، حيث تستخدمها إسرائيل كدليل على أن الضغط العسكري هو السبيل الوحيد لإجبار حماس على التنازل.
- على المستوى الداخلي الإسرائيلي: تعزز هذه الرواية السرد الحكومي القائل بضرورة مواصلة الحرب حتى تحقيق أهدافها، وقد تزيد من تأييد الرأي العام للعملية في رفح رغم الانتقادات الدولية.
- على المستوى الإعلامي: تساهم في الحرب الإعلامية والنفسية، حيث يسعى كل طرف إلى تصوير الآخر بأنه الطرف غير الأخلاقي والمعرقل للحلول السلمية.
في الختام، تبقى هذه الادعاءات غير مؤكدة من مصادر مستقلة وتندرج ضمن سيل المعلومات المتبادلة في زمن الحرب. إنها تعكس الديناميكيات القاسية للقتال في أنفاق غزة والأهمية الاستراتيجية لقضية المحتجزين وجثامين الجنود في هذا الصراع الممتد.




