مطالب إسرائيلية متجددة لحماس بتسليم رفات الضابط هدار غولدن
عادت قضية الجنود الإسرائيليين المفقودين في قطاع غزة إلى الواجهة مجدداً، حيث أكدت مصادر سياسية إسرائيلية، وفقاً لتقارير إعلامية حديثة، أن إسرائيل تجدد مطالبتها لحركة حماس بضرورة الإفراج الفوري عن رفات الضابط هدار غولدن، الذي تحتجزه الحركة منذ الحرب على غزة في عام 2014. تمثل هذه القضية إحدى أكثر النقاط تعقيداً في الصراع بين الطرفين، وتشكل عائقاً أساسياً أمام أي محاولة للتوصل إلى تهدئة طويلة الأمد أو اتفاق لتبادل الأسرى.

خلفية القضية
تعود جذور هذه القضية إلى الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة صيف عام 2014، التي أطلق عليها اسم "الجرف الصامد". في 1 أغسطس 2014، وخلال سريان هدنة إنسانية بوساطة الأمم المتحدة والولايات المتحدة، وقع اشتباك في مدينة رفح جنوب قطاع غزة. أعلنت إسرائيل في أعقابه عن مقتل الملازم في لواء جفعاتي، هدار غولدن، واحتجاز جثته من قبل عناصر من كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة حماس. إلى جانب غولدن، تحتجز حماس أيضاً رفات جندي آخر هو أورون شاؤول، الذي قُتل في حادثة أخرى خلال الحرب نفسها. وقد صنفت إسرائيل الجنديين رسمياً بأنهما "قتلى في معركة ومكان دفنهما غير معروف"، مما يضع على عاتق الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة مهمة استعادة رفاتهما.
الموقف الإسرائيلي ومساعي الاستعادة
تعتبر الحكومة الإسرائيلية استعادة رفات الجنديين، بالإضافة إلى المواطنين الإسرائيليين المحتجزين في غزة (أفيرا منغيستو وهشام السيد)، واجباً وطنياً وأخلاقياً. على مر السنوات، بذلت إسرائيل جهوداً دبلوماسية متعددة عبر وسطاء دوليين وإقليميين، أبرزهم مصر وقطر وألمانيا ومنسق الأمم المتحدة الخاص لعملية السلام في الشرق الأوسط، بهدف التوصل إلى صفقة. إلا أن جميع هذه المحاولات باءت بالفشل. تتعرض الحكومة لضغوط داخلية هائلة من عائلتي غولدن وشاؤول، اللتين تنظمان حملات إعلامية وسياسية مستمرة، وتتهمان المسؤولين بالتقصير في بذل الجهود الكافية لإنهاء هذه المأساة الإنسانية.
موقف حماس وشروطها
من جانبها، ترفض حركة حماس تقديم أي معلومات مجانية حول مصير الجنود أو حالتهم، وتتعامل مع القضية كورقة تفاوضية أساسية. تربط الحركة بشكل مباشر أي تقدم في هذا الملف بإبرام صفقة تبادل أسرى شاملة، على غرار صفقة "وفاء الأحرار" عام 2011 التي أُفرج بموجبها عن الجندي جلعاد شاليط مقابل أكثر من ألف أسير فلسطيني. تتمثل شروط حماس الأساسية في إفراج إسرائيل عن عدد كبير من الأسرى الفلسطينيين، وخاصة أصحاب المحكوميات العالية ومن تعتبرهم إسرائيل "أسرى أمنيين خطرين"، وهو ما تعتبره إسرائيل ثمناً باهظاً يصعب قبوله.
الأبعاد الإنسانية والسياسية
لا تقتصر أهمية القضية على الجانب العسكري أو السياسي فحسب، بل تمتد لتشمل أبعاداً إنسانية عميقة. بالنسبة للعائلات الإسرائيلية، يمثل استمرار احتجاز رفات أبنائها جرحاً مفتوحاً يمنعها من إقامة مراسم دفن لائقة وإغلاق هذا الفصل المؤلم من حياتها. أما على الصعيد السياسي، فتُستخدم هذه القضية كأداة ضغط من كلا الطرفين، حيث تشترط إسرائيل عودة جنودها كجزء من أي اتفاق طويل الأمد، بينما ترى حماس فيها فرصتها الوحيدة لتحرير المئات من كوادرها وعناصرها من السجون الإسرائيلية، مما يجعلها عقدة مركزية في أي مفاوضات مستقبلية بين الجانبين.



