السناتور فانس: غياب البنية التحتية الأمنية يعرقل نزع سلاح حماس في غزة
في تصريح لافت يعكس التحديات المعقدة التي تواجه مستقبل قطاع غزة ما بعد الصراع، أشار السيناتور الأمريكي جيه دي فانس، عضو مجلس الشيوخ عن ولاية أوهايو، إلى عدم وجود بنية تحتية أمنية كافية حاليًا لضمان نزع سلاح حركة حماس بشكل فعّال. جاءت هذه التصريحات التي أدلى بها مؤخرًا لتسلط الضوء على التعقيدات اللوجستية والسياسية لأي خطط مستقبلية تهدف إلى إرساء الاستقرار في القطاع المتضرر.
تأتي ملاحظات فانس في وقت حرج، حيث تتكثف النقاشات الدولية حول "اليوم التالي" في غزة، بما في ذلك كيفية إدارة القطاع وضمان أمنه بعد انتهاء العمليات العسكرية الإسرائيلية الرامية إلى تفكيك قدرات حماس. وتبرز رؤيته التحديات الهائلة التي تواجه أي جهود لنزع سلاح جماعة مسلحة راسخة في بيئة معقدة مثل غزة، خاصة في ظل غياب سلطة أمنية مركزية وقوية يمكنها فرض النظام.
خلفية الأزمة في غزة
يشهد قطاع غزة، الذي يقطنه أكثر من مليوني فلسطيني، أزمة إنسانية وأمنية غير مسبوقة منذ اندلاع الصراع الأخير في 7 أكتوبر 2023. وقد أدت العمليات العسكرية الإسرائيلية الواسعة النطاق، التي تهدف إلى القضاء على حماس وتأمين إطلاق سراح الرهائن، إلى دمار هائل وتشريد غالبية السكان. في هذا السياق، أصبح مستقبل الأمن والحوكمة في القطاع محور اهتمام دولي مكثف.
- أهداف إسرائيل المعلنة: تصر إسرائيل على أن هدفها الرئيسي هو تفكيك القدرات العسكرية والمدنية لحماس بالكامل لمنع أي تهديدات مستقبلية.
 - التحديات الأمنية: يشير الخبراء إلى أن تحقيق نزع سلاح شامل يتطلب ليس فقط تفكيك البنية التحتية العسكرية لحماس، بل وأيضًا إنشاء قوة أمنية بديلة موثوقة وقادرة على بسط السيطرة.
 - الوضع الإنساني: تفاقم الوضع الإنساني بشكل كارثي، مما يزيد من صعوبة أي عملية إعادة إعمار أو إرساء استقرار أمني.
 
تصريحات فانس ودلالاتها
لم يقتصر السيناتور فانس في تصريحاته على الإشارة إلى غياب البنية التحتية الأمنية فحسب، بل أكد أيضًا أن الوضع الأمني والإنساني في القطاع "لا يزال معقدًا للغاية". وهذا التقييم يتوافق مع مخاوف العديد من المسؤولين والمنظمات الدولية التي تحذر من الفراغ الأمني والفوضى التي قد تنشأ في غزة في غياب خطة واضحة ومُتفق عليها لما بعد الصراع.
تشير هذه التصريحات إلى عدة نقاط رئيسية:
- فجوة في التخطيط: تثير تساؤلات حول مدى استعداد المجتمع الدولي والأطراف المعنية للتعامل مع تحدي نزع السلاح في غزة على المدى الطويل.
 - الحاجة لحلول شاملة: تؤكد أن أي حل مستقبلي يجب أن يتجاوز الجانب العسكري ليشمل الجوانب السياسية والإنسانية والاقتصادية.
 - الموقف الأمريكي: تعكس التصريحات جانبًا من التفكير داخل الإدارة الأمريكية والكونغرس حول صعوبة تحقيق الأهداف المعلنة للصراع دون رؤية واضحة للتعافي والاستقرار.
 
سيناريوهات "اليوم التالي" ومخاطر الفراغ
تعددت المقترحات بشأن من سيتولى إدارة غزة بعد حماس، لكن لم يتم التوصل إلى توافق دولي حول أي منها حتى الآن. وتشمل السيناريوهات المطروحة:
- عودة السلطة الفلسطينية: يرى البعض أن السلطة الفلسطينية هي الكيان الشرعي الأنسب، لكنها تواجه تحديات تتعلق بضعفها السياسي والشعبي في غزة حاليًا.
 - إدارة دولية مؤقتة: اقتُرحت فكرة قوة حفظ سلام دولية أو إدارة مؤقتة، لكنها تتطلب إجماعًا دوليًا ودعمًا كبيرًا وهو ما يبدو صعب المنال.
 - إدارة إقليمية: اقترحت بعض الدول العربية المشاركة في إدارة غزة، لكن هذا يواجه تحديات سياسية وأمنية كبيرة.
 
يحذر السيناتور فانس، وغيره من المحللين، من أن غياب بنية أمنية قوية ومُعترف بها يمكن أن يؤدي إلى فراغ أمني تستغله جماعات أخرى، أو يعيد تشكيل حماس نفسها بطريقة جديدة. هذا السيناريو يزيد من تعقيدات الاستقرار الإقليمي ويطيل أمد المعاناة في القطاع.
التداعيات والآفاق المستقبلية
إن التحذيرات من غياب البنية التحتية الأمنية اللازمة لنزع سلاح حماس ليست مجرد ملاحظة عابرة، بل هي دعوة إلى التفكير بجدية في كيفية بناء أساس صلب للسلام والأمن في غزة. يتطلب نزع السلاح الناجح أكثر من مجرد العمليات العسكرية؛ فهو يتطلب أيضًا بناء ثقة، وتطوير مؤسسات حكم رشيد، وتوفير آفاق اقتصادية للسكان لتقويض جاذبية الجماعات المسلحة.
في الختام، تُبرز تصريحات السيناتور جيه دي فانس التحدي العميق متعدد الأوجه الذي يواجه صناع القرار الدوليين والإقليميين. فبدون خطة متكاملة وواقعية لمعالجة الجوانب الأمنية والإنسانية والسياسية في غزة، فإن أي حديث عن نزع سلاح دائم لحماس يظل مجرد طموح بعيد المنال، وقد يترك القطاع عرضة لمزيد من عدم الاستقرار والصراع. يبقى السؤال المحوري هو متى وكيف ستُبنى هذه البنية التحتية الأمنية الضرورية لضمان مستقبل أكثر استقرارًا لغزة.




