الكشف عن مقترح أمريكي يتضمن عفواً مشروطاً لإخراج قادة حماس من غزة
في خضم المفاوضات المعقدة لإنهاء الصراع الدائر في قطاع غزة، كشفت تقارير إعلامية ودبلوماسية خلال الأسابيع الأخيرة عن تفاصيل مقترح أمريكي يهدف إلى حل إحدى أكثر القضايا الشائكة: مصير قادة حركة حماس. يتمحور المقترح، الذي يجري تداوله في محادثات سرية بوساطة قطرية ومصرية، حول فكرة توفير ممر آمن وخروج قادة الحركة من القطاع مقابل عفو مشروط، وذلك كجزء من صفقة أشمل لوقف إطلاق النار وإطلاق سراح الرهائن.

تفاصيل الخطة المقترحة
وفقاً لمصادر مطلعة، فإن الخطة التي تدعمها الإدارة الأمريكية بقوة تستهدف بشكل أساسي القيادة العليا لحماس داخل غزة، وعلى رأسها شخصيات مثل يحيى السنوار ومحمد الضيف، الذين تعتبرهم إسرائيل العقول المدبرة لهجوم السابع من أكتوبر. يقوم جوهر المقترح على معادلة تهدف إلى تحقيق هدف إسرائيل المعلن بتفكيك قدرات حماس القيادية، مع تجنب عملية عسكرية طويلة ودموية لاقتحام شبكة الأنفاق الواسعة التي يُعتقد أنهم يختبئون فيها.
وتشمل بنود هذه الخطة غير الرسمية ما يلي:
- مغادرة كبار قادة حماس وعناصرهم العسكرية البارزة قطاع غزة إلى دولة ثالثة، قد تكون قطر أو الجزائر أو دولة أخرى توافق على استضافتهم.
- التزام إسرائيلي بعدم ملاحقة هؤلاء القادة أو استهدافهم بمجرد خروجهم، وهو ما يمثل "العفو المشروط" الذي يعد حجر الزاوية في المقترح.
- ربط هذه الخطوة باتفاق شامل يتضمن إطلاق سراح جميع الرهائن الإسرائيليين المحتجزين في غزة على مراحل.
- التوصل إلى وقف إطلاق نار طويل الأمد يمهد الطريق لإعادة الإعمار وإدخال المساعدات الإنسانية بشكل مستدام إلى القطاع.
السياق وأهمية المقترح
يأتي هذا المقترح في وقت حرج، حيث تواجه إسرائيل ضغوطاً دولية متزايدة بشأن الأزمة الإنسانية في غزة، وتحديداً مع استعدادها لعملية عسكرية محتملة في مدينة رفح المكتظة بالنازحين. من منظور أمريكي، تمثل هذه الخطة مخرجاً دبلوماسياً يمكن أن يمنع تفاقم الكارثة الإنسانية، ويضع حداً للحرب، ويفتح الباب أمام نقاشات "اليوم التالي" المتعلقة بمستقبل حكم غزة.
أما بالنسبة لإسرائيل، فإن الفكرة تثير جدلاً داخلياً عميقاً. فمن ناحية، يرى بعض المسؤولين في المؤسستين الأمنية والعسكرية أنها قد تكون الطريقة الأكثر واقعية لتحقيق هدفين متضاربين: إعادة الرهائن وتجريد حماس من قيادتها. ومن ناحية أخرى، يرفض أعضاء في الائتلاف الحكومي اليميني المتشدد الفكرة رفضاً قاطعاً، معتبرين أن السماح لقادة حماس بالنجاة هو بمثابة انتصار للحركة وهزيمة لإسرائيل.
مواقف الأطراف المعنية
تتباين ردود الفعل حول المقترح بشكل كبير بين الأطراف الرئيسية. الإدارة الأمريكية، عبر مسؤوليها وعلى رأسهم مدير وكالة المخابرات المركزية ويليام بيرنز، هي الداعم الأبرز لهذه التسوية، حيث تراها جزءاً من حل شامل يضمن أمن إسرائيل ويؤسس لمسار سياسي مستقبلي. أما الوسطاء في الدوحة والقاهرة، فيعملون على تقريب وجهات النظر ومحاولة إيجاد صيغة مقبولة للطرفين، مدركين أن نجاح مثل هذه الصفقة سيعزز من استقرار المنطقة.
على الجانب الآخر، لم يصدر عن حركة حماس أي موافقة رسمية على فكرة خروج قادتها. بل على العكس، تشير التصريحات الصادرة عنها والتسريبات من المفاوضات إلى أن الحركة ترفض أي حديث عن مصير قيادتها قبل التوصل إلى اتفاق يضمن وقفاً دائماً لإطلاق النار وانسحاباً كاملاً للقوات الإسرائيلية من قطاع غزة. وتعتبر الحركة أن بقاء قادتها في غزة يمثل رمزاً للصمود واستمرار المقاومة.
في المحصلة، يظل مقترح إخراج قادة حماس من غزة ورقة تفاوضية مهمة على الطاولة، ولكنه يواجه عقبات سياسية وعملياتية هائلة. يعتمد مصيره بشكل كامل على مدى استعداد كل من إسرائيل وحماس لتقديم تنازلات مؤلمة، وهو أمر لم يتحقق بعد في ظل انعدام الثقة وتضارب الأهداف الاستراتيجية لكل طرف.



