ترامب وجدل "الولاية الثالثة": استكشاف الحدود الدستورية للطموح السياسي
أثار الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب مجددًا الجدل حول إمكانية بقائه في السلطة لفترة تتجاوز الولايتين التي يسمح بها الدستور الأمريكي. ففي تصريحات وتعليقات متكررة خلال فعاليات سياسية ومقابلات، ألمح ترامب إلى فكرة الترشح لولاية ثالثة، وهو ما يطرح تساؤلات جدية حول التفسيرات الدستورية والسابقة القانونية لمثل هذه الخطوة.

خلفية الجدل الدستوري
تستند حدود الولاية الرئاسية في الولايات المتحدة بشكل أساسي إلى التعديل الثاني والعشرين للدستور، الذي تم التصديق عليه في عام 1951. ينص هذا التعديل بوضوح على أنه "لا يجوز انتخاب أي شخص لمنصب الرئيس لأكثر من مرتين". وقد جاء هذا التعديل كرد فعل على رئاسة فرانكلين روزفلت الذي انتُخب لأربع ولايات متتالية. ورغم أن تصريحات ترامب غالبًا ما تُقدم في سياق مازح أو لاستفزاز خصومه السياسيين، إلا أنها فتحت الباب أمام نقاشات حول ثغرة دستورية محتملة.
نظرية "نائب الرئيس" والتحليل القانوني
تتمحور الفكرة الأكثر تداولاً حول إمكانية عودة رئيس سابق لولايتين إلى البيت الأبيض عبر منصب نائب الرئيس. تفترض هذه النظرية أن الرئيس السابق يمكن أن يترشح لمنصب نائب الرئيس، وفي حال فوزه، يصبح الأول في ترتيب الخلافة الرئاسية، مما يتيح له تولي الرئاسة مجددًا إذا استقال الرئيس الحالي أو أصبح غير قادر على أداء مهامه. ومع ذلك، يواجه هذا السيناريو عقبة قانونية رئيسية متمثلة في التعديل الثاني عشر.
ينص التعديل الثاني عشر على أنه "لا يجوز لأي شخص غير مؤهل دستوريًا لتولي منصب الرئيس أن يكون مؤهلاً لمنصب نائب رئيس الولايات المتحدة". هنا يكمن جوهر الخلاف بين الخبراء القانونيين:
- الرأي السائد: يرى غالبية الفقهاء الدستوريين أن الشخص الذي قضى ولايتين رئاسيتين يصبح "غير مؤهل دستوريًا" لتولي منصب الرئيس مرة أخرى، وبالتالي، فهو غير مؤهل أيضًا لمنصب نائب الرئيس بموجب التعديل الثاني عشر.
- الرأي المعارض: يجادل قلة من المحللين بأن التعديل الثاني والعشرين يمنع فقط "انتخاب" الشخص رئيسًا لمرة ثالثة، لكنه لا يمنعه من تولي المنصب عبر طرق أخرى كالخلافة الرئاسية. وبناءً على هذا التفسير الضيق، قد يكون الشخص مؤهلاً من الناحية الفنية لمنصب نائب الرئيس.
من المهم الإشارة إلى أن هذه النظرية لم يتم اختبارها مطلقًا أمام المحاكم الأمريكية، ويبقى تطبيقها العملي موضع شك كبير.
الأهمية السياسية وتأثير التصريحات
بغض النظر عن الجدوى القانونية، تحمل تصريحات ترامب حول "ولاية ثالثة" دلالات سياسية عميقة. فهي تخدم عدة أهداف، منها الحفاظ على حضوره الإعلامي، وتعبئة قاعدته الانتخابية التي تتبنى فكرة تحدي المؤسسة السياسية القائمة، وإثارة قلق خصومه. كما تعكس هذه التصريحات استمرارية التوتر في المشهد السياسي الأمريكي حول الأعراف الديمقراطية وحدود السلطة التنفيذية. وقد صدرت هذه التعليقات في سياقات زمنية مختلفة خلال حملاته الانتخابية وبعد مغادرته للبيت الأبيض، مما يشير إلى أنها جزء من استراتيجيته التواصلية المستمرة.





