ترامب يبرئ حماس من خرق الهدنة في غزة ويلقي باللوم على "عناصر متمردة"
في تصريح لافت خلال فترة رئاسته، تبنى الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب موقفًا مغايرًا للسياسة الأمريكية التقليدية، حيث أشار إلى أن المسؤولية عن خرق إحدى اتفاقيات وقف إطلاق النار في قطاع غزة لا تقع على عاتق حركة حماس، بل على "عناصر متمردة" أو فصائل أخرى تعمل بشكل مستقل داخل القطاع. هذا الموقف قدم رؤية أكثر تعقيدًا للديناميكيات الداخلية في غزة، مفرقًا بين الحركة التي تدير القطاع وبين جماعات مسلحة أصغر لا تخضع دائمًا لسيطرتها.

خلفية التوترات والهدنة الهشة
جاءت تصريحات ترامب في سياق جولات تصعيد متكررة بين الفصائل الفلسطينية في غزة وإسرائيل، والتي غالبًا ما كانت تنتهي بهدنة مؤقتة بوساطة أطراف دولية وإقليمية، وعلى رأسها مصر والأمم المتحدة. كانت هذه الاتفاقيات تهدف إلى وقف إطلاق الصواريخ من غزة والغارات الجوية الإسرائيلية، وتخفيف حدة الأزمة الإنسانية في القطاع المحاصر. ومع ذلك، كانت هذه الهدن هشة للغاية، حيث كان إطلاق صاروخ واحد كفيلًا بإعادة إشعال الصراع، مما يضع الوسطاء وحركة حماس، بصفتها السلطة الحاكمة، في موقف حرج.
مضمون التصريحات ودلالاتها
أوضح ترامب في تحليله للوضع أن إدارته كانت على دراية بوجود جماعات مسلحة أخرى في غزة، مثل حركة الجهاد الإسلامي وفصائل سلفية أصغر، لا تلتزم دائمًا بالقرارات الصادرة عن قيادة حماس. ومن خلال تحميل هذه "العناصر المتمردة" مسؤولية الخرق، كان ترامب يفتح الباب أمام إمكانية احتواء الموقف دون توجيه ضربة عسكرية واسعة النطاق تستهدف حماس وبنيتها التحتية، وهو ما كان من شأنه أن يؤدي إلى حرب شاملة. كان هذا التمييز اعترافًا نادرًا من مسؤول أمريكي رفيع المستوى بتعقيدات المشهد الفلسطيني الداخلي، حيث لا تمتلك حماس سيطرة مطلقة على جميع الفصائل العسكرية في القطاع.
ردود الفعل والتأثير على المشهد
أثارت هذه التصريحات ردود فعل متباينة. فمن جانبها، حافظت إسرائيل على سياستها الرسمية التي تعتبر حركة حماس مسؤولة عن أي عمل عدائي ينطلق من قطاع غزة، بصفتها الجهة المسيطرة عليه. وبالتالي، فإن أي تمييز بين الفصائل كان يُنظر إليه بحذر في الأوساط الإسرائيلية. أما على الجانب الفلسطيني، فقد اعتبر البعض أن تصريحات ترامب تعكس فهمًا أكثر واقعية للوضع على الأرض، بينما رآها آخرون مجرد تكتيك سياسي مؤقت لا يغير من طبيعة الانحياز الأمريكي لإسرائيل. لم تغير هذه التصريحات من السياسة الأمريكية الجوهرية تجاه حماس، التي ظلت مصنفة كمنظمة إرهابية، لكنها قدمت لمحة عن المرونة التكتيكية التي يمكن أن تتبعها الإدارة الأمريكية في إدارة الأزمات لتجنب التصعيد الكامل.
الأهمية والسياق الأوسع
تكمن أهمية هذا الموقف في كونه يسلط الضوء على الانقسامات داخل الساحة الفلسطينية في غزة، وهو عامل حاسم في استدامة أي تهدئة. فبينما قد تكون لحماس مصلحة استراتيجية في الحفاظ على الهدوء في بعض الأحيان لتثبيت حكمها وتخفيف الحصار، قد تسعى فصائل أخرى أصغر إلى فرض أجندتها الخاصة عبر التصعيد العسكري. إن اعتراف رئيس أمريكي بهذه الحقيقة، ولو بشكل عابر، يعد أمرًا ذا دلالة في سياق الدبلوماسية المعقدة للشرق الأوسط، ويؤكد على أن تحقيق استقرار طويل الأمد في المنطقة يتطلب التعامل مع كافة الأطراف الفاعلة على الأرض وليس فقط مع الجهات الحاكمة الرسمية.




