توجيه رئاسي بضمان دفع رواتب الجنود الأمريكيين رغم الإغلاق الحكومي
وسط حالة من الشلل السياسي التي أدت إلى إغلاق حكومي في الولايات المتحدة، صدر توجيه رئاسي، مدعوم بتشريع طارئ من الكونغرس، لضمان استمرارية دفع رواتب أفراد القوات المسلحة الأمريكية دون انقطاع. جاء هذا القرار كخطوة حاسمة لتهدئة المخاوف المتزايدة في أوساط الجنود وعائلاتهم بشأن استقرارهم المالي خلال فترة الأزمة السياسية.

خلفية الأزمة: الإغلاق الحكومي لعام 2013
في الأول من أكتوبر عام 2013، دخلت الحكومة الفيدرالية الأمريكية في حالة إغلاق جزئي بعد فشل الكونغرس في التوصل إلى اتفاق حول الميزانية وتمويل الحكومة. نشأ الخلاف بشكل أساسي بين مجلس النواب الذي كان يسيطر عليه الجمهوريون، ومجلس الشيوخ والإدارة الرئاسية بقيادة الديمقراطيين، حول تمويل قانون الرعاية الصحية الميسرة (المعروف بـ "أوباما كير"). أدى هذا الجمود إلى توقف العديد من الخدمات الحكومية وإرسال مئات الآلاف من الموظفين الفيدراليين في إجازة إجبارية غير مدفوعة الأجر، مما أثار حالة من عدم اليقين حول دفع رواتب جميع موظفي الدولة، بمن فيهم أفراد الجيش.
التشريع الطارئ: قانون "الدفع لجيشنا"
قبل ساعات فقط من بدء الإغلاق، تحرك الكونغرس الأمريكي بشكل استثنائي لتمرير تشريع يحظى بدعم من الحزبين، عُرف باسم "Pay Our Military Act" (قانون الدفع لجيشنا). هدف هذا القانون بشكل مباشر إلى حماية أفراد القوات المسلحة من التداعيات المالية للإغلاق. نص القانون على تخصيص الأموال اللازمة لضمان دفع رواتب أعضاء الجيش في الخدمة الفعلية، والحرس الوطني، وقوات الاحتياط، بالإضافة إلى الموظفين المدنيين والمتعاقدين الأساسيين في وزارة الدفاع الذين يُعتبر عملهم ضرورياً لدعم القوات. وقّع الرئيس آنذاك، باراك أوباما، على القانون ليصبح سارياً، مؤكداً على أن القوات الأمريكية يجب ألا تتحمل عبء الخلافات السياسية في واشنطن.
التنفيذ والتحديات الأولية
بعد تفعيل القانون، أعلن وزير الدفاع في ذلك الوقت، تشاك هيغل، أن وزارة الدفاع (البنتاغون) ستقوم بتنفيذ التوجيهات على الفور لضمان حصول الجنود على رواتبهم في مواعيدها المحددة. ومع ذلك، برزت تحديات قانونية وإدارية في الأيام الأولى للإغلاق. كان هناك غموض حول تفسير القانون وتحديد من هم "الموظفون المدنيون الأساسيون" الذين يشملهم القرار. في البداية، كان التفسير ضيقاً، مما أبقى على عدد كبير من موظفي البنتاغون المدنيين في إجازة إجبارية. لكن بعد مراجعة قانونية أوسع، تمكن الوزير هيغل من إعادة غالبية الموظفين المدنيين إلى أعمالهم، مشيراً إلى أن مهامهم تساهم بشكل مباشر في الحفاظ على معنويات واستعداد القوات المسلحة.
الأثر وأهمية القرار
كان للقرار أهمية بالغة على مستويين؛ الأول هو توفير الاستقرار المالي المباشر لأكثر من مليون جندي في الخدمة الفعلية وعائلاتهم، الذين كانوا يواجهون احتمالية تأخر رواتبهم. أما المستوى الثاني، فقد عكس إجماعاً سياسياً نادراً على ضرورة عزل المؤسسة العسكرية عن النزاعات الحزبية. أكدت هذه الخطوة على المكانة الخاصة التي تحظى بها القوات المسلحة في الولايات المتحدة، وأرست سابقة لحماية رواتبهم في أي أزمات إغلاق حكومي مستقبلية. ساهم القرار في الحفاظ على معنويات الجنود وجاهزيتهم التشغيلية في وقت كانت فيه بقية أجهزة الدولة تعاني من حالة من الشلل والارتباك.





