عائلة فلسطينية تتهم حماس بقتل ابنها الأسير المحرر في غزة
في واقعة أثارت جدلاً واسعاً وسط الحرب الدائرة، اتهمت عائلة الصفطاوي في قطاع غزة حركة حماس بالمسؤولية المباشرة عن مقتل ابنها هشام الصفطاوي، وهو أسير محرر قضى 18 عاماً في السجون الإسرائيلية. ووقعت الحادثة أواخر شهر مايو 2024 في مخيم النصيرات وسط القطاع، لتفتح الباب أمام تساؤلات حول الوضع الأمني الداخلي والانقسامات السياسية في ظل الظروف الراهنة.

تفاصيل اتهام العائلة
بحسب شهادات أفراد من العائلة، أبرزهم شقيق القتيل، قايد الصفطاوي، فإن قوة تابعة لجهاز الأمن الداخلي التابع لحركة حماس داهمت منزلهم في مخيم النصيرات. وأوضحت العائلة أن خلافاً نشب بين هشام وعناصر القوة، تطور إلى إطلاق نار مباشر عليه مما أدى إلى مقتله على الفور. وذكرت مصادر من العائلة أن الهجوم لم يقتصر على هشام، بل تعرض أفراد آخرون من الأسرة للاعتداء والضرب. تتعدد الروايات حول سبب الخلاف؛ فبينما تشير بعض المصادر إلى أن الحادثة وقعت على خلفية انتقادات وجهها الصفطاوي لأداء حماس أو بسبب انتمائه السياسي السابق لحركة فتح، تتحدث روايات أخرى عن نزاع يتعلق بتوزيع المساعدات الإنسانية التي أصبحت نقطة توتر رئيسية في القطاع.
رواية حركة حماس والجهات الرسمية في غزة
في المقابل، نفت حركة حماس والجهات الأمنية في غزة هذه الاتهامات بشكل قاطع، واصفة إياها بـ"الأكاذيب والافتراءات". وأصدرت وزارة الداخلية والأمن الوطني بياناً أوضحت فيه أن قوات الشرطة كانت تنفذ مهمة أمنية للقبض على عدد من المشتبه بهم والمتورطين في "أعمال فوضى وتخابر مع الاحتلال". ووفقاً للبيان الرسمي، فإن هشام الصفطاوي لم يكن هو المستهدف بالعملية، ولكنه قُتل خلال تبادل لإطلاق النار بعد أن حاول عرقلة عمل القوة الأمنية والتصدي لها. واعتبرت حماس أن ترويج هذه الرواية يندرج في إطار حملة تهدف إلى "إثارة الفتنة الداخلية" وضرب الجبهة الداخلية في وقت الحرب.
خلفية وتداعيات الحادثة
تكتسب الحادثة أهمية خاصة نظراً لمكانة هشام الصفطاوي كأسير محرر، وهي صفة تحظى بتقدير كبير في المجتمع الفلسطيني. كما أنها تسلط الضوء على التحديات الأمنية المعقدة التي تواجهها غزة، حيث تتداخل مهمة الحفاظ على الأمن وملاحقة المتعاونين مع الاحتلال مع الصراعات العشائرية والسياسية، بالإضافة إلى الفوضى الناجمة عن الحرب وتدهور الأوضاع المعيشية. وقد أدى انهيار النظام المدني في مناطق كثيرة من القطاع إلى ظهور نزاعات حول السيطرة على المساعدات، مما خلق بيئة خصبة للتوترات الداخلية. وتبرز هذه الواقعة الانقسام الفلسطيني المستمر بين حركتي فتح وحماس، حيث سارعت وسائل الإعلام المحسوبة على كل طرف إلى تبني الرواية التي تدعم موقفه السياسي.
الأصداء والتأثير
انتشرت قصة مقتل الصفطاوي بسرعة على منصات التواصل الاجتماعي، وأصبحت مادة للتجاذب بين النشطاء الفلسطينيين. وبينما عبر كثيرون عن غضبهم من الحادثة واعتبروها دليلاً على قمع حماس لمعارضيها، دافع آخرون عن رواية الحركة الأمنية وحذروا من استغلال الحادثة لخدمة أجندات خارجية. وفي ظل انقطاع الاتصالات وصعوبة التحقق المستقل من المعلومات بسبب الحرب، يبقى من الصعب تأكيد أي من الروايتين بشكل قاطع. إلا أن الحادثة، بغض النظر عن تفاصيلها الدقيقة، تعكس حالة الاحتقان والتعقيد الشديدين في المشهد الفلسطيني الداخلي، وتوضح كيف يمكن للنزاعات السياسية أن تتفاقم وتتحول إلى مواجهات دامية حتى في أوقات الشدة والمواجهة مع عدو خارجي.




