مسؤول أميركي يربط استعادة جثمان بـ'فرصة' لإخراج مقاتلي حماس من رفح
كشفت تقارير إعلامية إسرائيلية، في وقت سابق اليوم السبت، نقلاً عن مسؤول أميركي رفيع المستوى، عن مبادرة محتملة قد تتيح سبيلاً جديداً للتعامل مع ملف مقاتلي حركة حماس الموجودين في مدينة رفح، جنوبي قطاع غزة. وتُشير هذه المبادرة إلى أن استعادة جثمان الضابط الإسرائيلي هدار غولدن قد تُقدم لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مساحة للمناورة وإنهاء الأزمة المتعلقة بتواجد عناصر حماس في المدينة المكتظة. يأتي هذا التطور في سياق جهود دولية مكثفة للتوصل إلى حلول مستدامة للأزمة المستمرة في غزة.

السياق العام وأهمية رفح
تُعد مدينة رفح نقطة محورية في الصراع الدائر، حيث تقع على الحدود الجنوبية لقطاع غزة مع مصر. وقد تحولت المدينة إلى الملجأ الأخير لملايين الفلسطينيين النازحين من أجزاء أخرى من القطاع بعد تصاعد العمليات العسكرية. يُقدر أن أكثر من مليون ومئة ألف شخص نزحوا إلى رفح، ما يجعل أي عملية عسكرية واسعة النطاق فيها أمراً ينذر بكارثة إنسانية غير مسبوقة. من جانبها، تعتبر إسرائيل رفح المعقل الأخير لحركة حماس، وتصر على ضرورة اجتياحها للقضاء على ما تبقى من قدرات الحركة العسكرية وتحرير المحتجزين. هذه النقطة تضع رفح في قلب التوترات الدولية والمفاوضات المستمرة.
المبادرة الأميركية وخلفية استعادة الجثمان
لطالما لعبت الولايات المتحدة دوراً محورياً في محاولات الوساطة بين الأطراف المتنازعة، مؤكدة على ضرورة حماية المدنيين وتقديم المساعدات الإنسانية. وقد حذرت واشنطن مراراً من تنفيذ عملية عسكرية واسعة النطاق في رفح دون خطة واضحة وموثوقة لحماية المدنيين. وفي هذا السياق، تبرز أهمية تصريح المسؤول الأميركي حول الربط بين استعادة جثمان هدار غولدن والفرصة لإيجاد حل لمقاتلي حماس في رفح. يُذكر أن الضابط غولدن فُقد أثره في عام 2014 خلال عملية «الجرف الصامد»، وتُرجح إسرائيل أنه قُتل واحتُجز جثمانه من قبل حماس. تُعتبر استعادة جثامين الجنود الإسرائيليين ملفاً حساساً وذا أولوية قصوى للحكومة والمجتمع الإسرائيلي، وغالباً ما تكون جزءاً من أي اتفاقات لتبادل الأسرى أو التهدئة.
سيناريوهات محتملة وتحديات
يمكن أن تفتح استعادة جثمان غولدن الباب أمام عدة سيناريوهات محتملة. قد تُشكل هذه الخطوة بادرة حسن نية من حماس، أو تُعتبر شرطاً إسرائيلياً مسبقاً لمواصلة المفاوضات حول تبادل الأسرى أو التهدئة. كما يمكن أن توفر هذه الاستعادة لنتنياهو غطاءً سياسياً للإعلان عن إنجاز جزئي، مما يمنحه مرونة أكبر في التعامل مع ملف رفح دون الحاجة بالضرورة إلى عملية عسكرية شاملة قد تُثير إدانة دولية واسعة. ومع ذلك، فإن مفهوم «إخراج مقاتلي حماس» يظل غامضاً ويتطلب توضيحاً: هل يعني ذلك انسحاباً طوعياً، أم ترحيلاً إلى منطقة أخرى، أم أنه جزء من صفقة أوسع تتضمن وقف إطلاق نار وتبادل أسرى؟ التحديات هائلة، وتشمل ضمان التزام الأطراف، ومعالجة المخاوف الأمنية والإنسانية، والتوفيق بين المطالب المتضاربة.
موقف الأطراف الرئيسية
- إسرائيل: يُواجه رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ضغوطاً سياسية داخلية هائلة من اليمين المتطرف للمضي قدماً في عملية رفح، ومن عائلات المحتجزين للتوصل إلى صفقة فورية. إن أي فرصة لاستعادة جثامين الجنود أو المحتجزين تُعد مكسباً سياسياً كبيراً له.
- حماس: تهدف الحركة إلى البقاء كقوة سياسية وعسكرية في غزة، وتستخدم ملف المحتجزين والجثامين كورقة ضغط في المفاوضات. موقفها من أي عملية إخراج لمقاتليها من رفح سيكون مرهوناً بشروطها، بما في ذلك وقف شامل لإطلاق النار وانسحاب إسرائيلي كامل من القطاع.
- الولايات المتحدة: تسعى واشنطن إلى تحقيق استقرار إقليمي، وتجنب اتساع رقعة الصراع، وتأمين إطلاق سراح المحتجزين. تُقدم مبادرتها المحتملة حلاً وسطاً يوازن بين الأهداف الإسرائيلية والمخاوف الإنسانية.
التداعيات المحتملة
إذا ما تحققت هذه الفرصة ونجحت الجهود الدبلوماسية المرتبطة بها، فقد تُسهم في تخفيف حدة التوتر في رفح، وربما تمهد الطريق لهدنة أوسع أو اتفاق لتبادل الأسرى. هذا من شأنه أن يوفر متنفساً للمدنيين في غزة ويفتح المجال أمام زيادة المساعدات الإنسانية. على النقيض، إذا لم يتم استغلال هذه الفرصة أو تعثرت المفاوضات، فقد يُواجه الوضع تصعيداً أكبر، بما في ذلك إمكانية شن عملية عسكرية إسرائيلية واسعة النطاق في رفح، ما ستكون له عواقب وخيمة على المنطقة بأسرها.



